ثم انظر هل حقيقي أن الديانة المسيحية بتقريرها الجبري لفردية الزوجة والتوحيد فيها، وتشددها في تطبيق ذلك قد منعت تعدد الزوجات؟! إن تعدد الزوجات قانون طبيعي، سيبقى ما بقى العالم، ولذلك فإن ما فعلته المسيحية لم يحقق الغرض الذي أرادته، فانعكست الآية معها، وصرنا نشهد الإغراء بجميع أنواعه. على أن نظرية التوحيد في الزوجة. وهي النظرية الآخذة بها المسيحية ظاهرا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي: الدعارة، وكثرة العوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين.
ولعل العلم الحديث قد أفصح عن الأهداف الإنسانية والعمرانية التي توخاها الإسلام في تعاليمه بالنسبة إلى سماحه بالزواج من أكثر من واحدة، فقد قرر أساتذة علم الاجتماع أمصال جينز برج ووستر مارك أن تعدد الزوجات كان النظام المتبع في الشعوب المتمدينة في حين كان نظام الزوجة هو النظام المتبع في الشعوب المتأخرة.
وإن الشعوب التي كانت تحرم الزواج بأكثر من واحدة إنما كانت تتبع تقاليد لا تتصل بالدين من قريب أو بعيد، كما أن الشعوب التي أجازت الزواج بأكثر من واحدة إنما أجازته طبقا لما رأت فيه من فوائد اقتصادية أو عمرانية دون نظر كذلك إلى الدين.
فلم يرد في الإنجيل نص صريح يدل على تحريم الزواج بأكثر من واحدة وإن الإسلام في إباحته تعدد الزوجات قد أباحه في حدود عينها لظروف حددها. وبقيود تجعل من العسير الأخذ به إلا في حالات اضطرارية ويكفي لبيان فضل الإسلام وسمو أهدافه أن نقارن مبدأ تعدد الزوجات بالحلول التي يقترحها مفكرو أوروبا وأمريكا اليوم لعلاج المشكلة الاجتماعية التي تنشأ دائما عقب الحروب بوجود عدد كبير من النساء اللاتي لا يجدن الزواج. والحل المفضل لديهم حتى الآن هو إباحة العلاقة الجنسية وحماية الأمومة غير الشرعية. والفرق بين الحلين هو الفرق بين مجتمعين يقوم أحدهما على أقوم المبادئ ويرغب في تأدية واجبه كاملا نحو أفراده، بينما يتجاهل الآخر واجبه نحو صيانة الأسرة، ويتساهل إلى حد بعيد في القيم الأخلاقية التي يجب أن تسود بين الناس.
وهو على كل حال زواج قانوني يكفل للمرأة ولأولادها احترام المجتمع وهو ما لا يكفله لهم الحل الآخر مهما عملت الدولة على كفالة احتياجاتهم المادية.
وبالرغم من عدم تبين البعض لأوجه الحكمة في شرعية الإسلام بتعدد الزوجات. فإنه في الأزمات الإجتماعية التي نشأت بسبب الحرب في كثير من نواحي العالم ما يبين