ولقد حاول خصوم الإسلام أن يجعلوا من مبدأ تعدد الزوجات وإباحته في الإسلام سلاحا يحاولون أن يحاربوه به. فكثيرا ما قالوا إن الإسلام يهدر كرامة الزوجة حين يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ويزيد من النسل الذي يؤدي إلى الفقر والعوز.
إن الثابت في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ظل ذا زوجة واحدة حتى بلغ الرابعة والخمسين من عمره، ثم أخذ يعدد زوجاته في فترة امتدت من السنة الثالثة إلى السنة الثامنة من الهجرة، وهذه الفترة هي التي تواصلت فيها الحروم بين المسلمين والمشركين حتى انتهت بفتح مكة. ونتيجة للحروب المستمرة اختل التوازن العددي بين الذكور والإناث في مجتمع المسلمين بالمدينة وأصبح من المحتم إعالة الأرامل واليتامى اللاتي سقط عائلوهن في ميادين الجهاد.
وما كان لمصلح اجتماعي كالنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يهتم فقط بإطعام الأرامل دون الاهتمام بحماية عفتهن وهو أعلم الناس بأن الغريزة الجنسية شيء مغروس في الطبيعة البشرية، وأن إهمال شأنها خليق بأن يؤدي إلى فساد المجتمع.
والغريزة الجنسية هي ما عبر عنها بولس في رسالته إلى أهل رومية في عرض حديثه عن المرأة وارتباطها برجلها وتحررها من رباط الزوجية. وما يتعرض له الأعزب من نوازع نفسية فيقول: "ولكني أرى ناموسا آخر في أعضائي. ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت"؟! ولا نجاة للإنسان إلا بعصمته بالزواج الحلال الطيب، كما بينه الإسلام.
ولقد دافع الفونس اتيين دينيه في كتابه (محمد رسول الله) ةفي رسالته (أشعة خاصة بنور الإسلام) عن مبدأ تعدد الزوجات دفاعا مجيدا، فيقول في مسايرة الطبيعة: لا يتمرد الإسلام على الطبيعة التي لا تغلب، وإنما هو يساير قوانينها ويزاول أزماتها بخلاف ما تفعل الكنيسة من مغالطة الطبيعة ومصادمتها في كثير من شئون الحياة، ومثل ذلك الفرض الذي تفرضه على أبنائها الذين يتخذون الرهبنة، فهم لا يتزوجون، وإنما يعيشون غرباء. فيوصي بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس بقوله: "فأريد أن تكونوا بلا هم غير المتزوج يهتم في ما للرب كيف يرضي الرب. وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضى امرأته". ثم يحفز المرأة الأرمل على التنكر لطبيعتها وغريزتها الجنسية