{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} .

ويول الله تعالى:

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} .

ولكن هذا التسامح الذي يدعو إليه القرآن لا يدفع إليه ضعف، وإنما يدفع إليه سمو الخلق وحرص على استباق الخيرات، وترفع عن الدنايا.

ويقول الله تعالى:

{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} .

ويقول تعالى:

{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} .

وهذا صحيح في أن الدعوى إلى التسامح دعوة إلى الفضل لا شيء من الضعف فيها، وإنما هو السمو النفساني الذي لا تشوبه شائبة.

هذا التسامح الذي يدعو القرآن إليه عن فضل، إنما أساسه الإخاء الذي جعله الإسلام دعامة حضارية، والذي أراد به أن يكون إخاء بين الناس كافة في مشارق الأرض ومغاربها. والإخاء الإسلامي يتضافر فيه العدل والرحمة من غير ضعف ولا استكانة. وهو إخاء تساو في الحق والخير والفضل غير متأثر بالعاجل من المنافع، بل يؤثر الآخذون به على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، والآخذون به يخشون الله ولا يخشون غيره.

وهم لذلك الإباء والأنفة، وهم مع ذلك التواضع الجم، الصادقون الموفون بعهدهم إذا عاهدوا، الصابرون في البأساء والضراء وحين البأس، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، لا يصعر أحدهم خده ولا يمشي في الأرض مرحا، وقاهم الله شح أنفسهم، لا يقولون على اللهولا على عبادة الكذب، ولا يحبون أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015