وعندما توفى الخليفة أبو بكر الصديق خلفه عمر بن الخطاب 634 - 644 م. الذي اتسعت في عهده فتوحات الإسلام، فاستولى المسلمون على دمشق سنة 635 م، ثم على حمص بعد قليل، وعندئذ سار الإمبراطور هرقل، وحشد جيشاً من ثمانين ألفاً من رجاله لقتال العرب، ولكن خالد بن الوليد أنزل بالجيوش البيزنطية عند اليرموك سنة 636 م هزيمة جديدة ساحقة.
ولما أدرك هرقل أنه من الصعب محاربة المسلمين ترك بيت المقدس تقع في أيدي المسلمين سنة 637 - 638 م.
ولم تكن انتصارات العرب على الفرس أقل سرعة من النتصاراتهم على الروم، ففي سنة 637 م كان العرب قد فتحوا العراق، وفي سنة 641 م أحرزوا انتصاراً ساحقاً في نهاوند، مما فتح الطريق أمامهم إلى قلب بلاد الفرس.
ولم تجد مقاومة الفرس العنيفة في وجه العرب الذين تم لهم القضاء على يزدجرد الثالث أخر ملوك بني ساسان سنة 652 م.
وبذلك اختفت الملكية الفارسية من الوجود وتم للعرب فتح فارس كلها.
وكان العرب من قوة الاستبسال والإيمان في الجهاد في سبيل الله في مستوى رفيع استطاعوا به فتح مصر بقيادة عمرو بن العاص سنة 641 م، أي قبل أن ينتهوا من فتح فارس، ويعتبر فتح مصر بالذات مثلا واضحا على مدى ضعف الدولة الرومانية البيزانطية وانحلالها سياسيا.
ولعل ما عرف عن المسلمين من تسامح مع الشعوب المقهورة جعل تلك الشعوب تدرك أن خلاصها من الاضطهاد العنصري والديني الذي تلاقيه على أيدي البيزنطيين لن يكون إلا على أيدي هذه القوة الجديدة التي بدأت تتوغل في الإمبراطورية الرومانية المتداعية، وأخذ شعب مصر يترقب زحفها إلى مصر، ويتمنى مجيئها.
ويؤرخ (إميل لودفيج) انهيار الدولة الرومانية في مصر بقوله: "لم يستطع جوستينيان أن يشمل النيل بعدله، ولم يأل جوستينيان جهداً في نصر النصرانية فحمل البدويين والبليمي، وزنوج جوار دنقلة أيضا على العماد وكان هذا قبل ولادة