"وظاهرة ما بعد ذلك الحين هي اختلاط الأديان، لا اختلاط الشعوب واللغات وحده، واذهب إلى جزيرة بلاق الصغيرة التي يطاف حولها في نصف ساعة، تر أنه كان يقام في وقت واحد من كل يوم بشعائر يسوع وإيزيس، وينقلب معبد الملكة حتشبسوت المأتمى إلى مصح يوناني ثم إلى دير نصراني، واذهب إلى شوطئ بحيرة مريوط تر زمرة يهودية كانت تحتفل في كل خمسين يوما بعيد مشتق من أسطورة للإسكندر حولتها البدهية (البوذية) ، واذهب إلى معبد الكرنك تر أنه استعمل كنيسة، ويجعل النصارى الجدد بأدفو القديس أبولون من خليفة هوروس....
"ويستمع الفلاح المصري إلى هؤلاء الرهبان الذين كانوا يقولون إن يسوع الإله ذا الهالة ليس غير أوزيوس المحول ...
"ويعترف بالنصرانية في القرن الرابع فيفوق نصارى مصر مضطهديهم عنفا، ويظهر من هؤلاء النصارى أناس بلغوا من التعصب ما يهدمون به المعابد والكتابات والتماثيل والصور الجدارية التي لم يمسها أي شعب أجنبي في ألوف السنين، ويقتل من يزعم أنهم وثنيون بالمئات، وتقطع تلميذة أفلاطون الحسناء ومعلمة علم الفلك في الجامعة، هيباته، إربا وتحرق كصنيعة للشيطان، ولما نهب معبد السرابيوم من غير أن تنزل صاعقة على الهدامين، كان ذلك خلفة لأحد وجوه العالم القديم".
ومما زاد الامر سوءاً أن أوروبا في العصور الوسطى - وهي تعيش في ظلمات بعضها فوق بعض - تورث العالم المخطوطات القديمة، ومنها النسخ القديمة للكتاب المقدس، هذه الثروة الهائلة ورثها العالم من تلكم الأجيال التي تفشي فيها الجهل، ورداءة الخط وانحطاط اللغة. والإيمان بالخرافات والمعجزات.
فكيف للجيل الذي بلغ في مدى تفكيره الحر الطليق أن يصل إلى التفكير في الدوران حول الأرض، وإصابة العدو عي مئات الأميال من قاعدة الصواريخ دون أن تتحرك قوة للدولة المحاربة وأخيراً إلى القمر..
كيف لهذا الجيل أن يتقبل مثل هذه المخطوطات، ويستند إليها. ويعتمد على صحتها؟! إنني أرى المنطق يقول: كيف نؤمن بتراث موروث من عهد تفشي فيه الجهل، ورداءة الخط وانحطاط اللغة وهيمنة الكنيسة على الشئون الزمنية والدينية، وتفشي المعتقدات الباطلة، مثل صكوك الغفران، والمطهر، وغير ذلك مما ندد به