ازدهار روما إلى أهمية المدينة ذاتها، فاستغل أساقفة روما هذه الأهمية والمكانة، لتحقيق نوع من السمو والزعامة على باقي أسقفيات الغرب.

وكان التنافس على أشدة بين القسطنطينية وروما، فاستندت القسطنطينية على أنها قاعدة الإمبراطورية السياسية، ومقر إقامة الأباطرة. واعتمدت روما على تشريف خليفة المسيح عيسى بن مريم، وهو بطرس الحواري، ومكانة بطرس في الكنيسة مكانة الصخرة التي بها يدعم الإيمان المسيحي، لهذا قال عنه المسيح: "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابن كنيستي"، وبالإضافة إلى هذا خول له المسيح حق الحل والربط، إذ أعطاه مفاتيح ملكوت السموات. وفي إنجيل متى: "وأنا أقول لك أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أنت كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السموات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماء".

وإذا كان هذا التشريف لبطرس زعيم الحواريين ومقدم الرطل - فإن خلفاءه أساقفة روما أحق الناس بأن يرثوا عنه زعامة العالم.

والواقع أننا لم نعرف من أساقفة روما في القرن الرابع وبعد عصر قسطنطين إلا نفرا ارتبطت أسماؤهم بحوادث جسام، ومن هؤلاء البابا داماسوس 336 - 384 م الذي كتب مؤلفا استعرض فيه مكانة كرسي روما الأسقفي، وأكد سيادة البابوية وسموها، كما أنه عهد إلى القديس جيروم بترجمة الإنجيل إلى اللاتينية.

أما خليفته البابا سيركيوس 384 - 399 م فترجع إليه أولى المراسيم البابوية من عهده، التي تناولت مسائل معروضة على أسقف روما للبت فيها.

وبعد ذلك اشتهر البابا ليو الأول 440 - 461 م الذي تم في عهده الاعتراف بسيطرة البابوية على كافة الكنائس المحلية في الغرب.

وفي سنة 455 م أصدر الإمبراطور فالنشيان الثالث إمبراطور الغرب مرسوما إمبراطوريا يقضي بخضوع جميع أساقفة الغرب للكرسي البابوي.

وهكذا ازدهرت البابوية حتى وصل نفوذها السياسي والديني إلى القمة في عهد البابا جريجوري الأول 590 - 604 م.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015