الآغا (?).
ومن الحضريين الجزائريين الذين ظلوا مغمورين المفتي الحنفي سيدي محمد ابن العنابي. كان شخصية فاضلة ومحترمة من معاصريه. وقد هاله ما كان يجري في البلاد ورآه منافيا لشروط التسليم وضد مبادىء الأمة الفرنسية نفسها. لذلك كتب سلسلة من الرسائل إلى الجنرال كلوزيل يذكره فيها بنصوص الاتفاق الجزائري الفرنسي وينبهه إلى العواقب التي قد تجر إليها السياسة المتبعة آنذاك. وقد أرادت السلطات الفرنسية إبعاده من الجزائر فاختلفت له سببا وهو أنه كان يتآمر ضد الدولة بالاتصال بالعرب , وأنه كان يعمل لصالح عودة الحكم الإسلامي إلى الجزائر. وعلى أية حال فقد ألقى كلوزيل عليه القبض وسجنه بعض الوقت ثم نفاه. ويذكر خوجة أن اعتداء شنيعا قد وقع على عائلته أيضا (أي العنابي) (?).
حاول خوجة أن يفهم التهمة الموجهة إلى صديقه العنابي فكان يذهب مرة إليه ومرة إلى كلوزيل. وقد أخبره هذا بأن المفتي كان على اتصال بالعرب وأنه كان يحاول إثارتهم ضد الفرنسيين لذلك ألقى عليه القبض.
وعندما ذهب إلى المفتي نفى التهمة نفيا قاطعا. وأخيرا عرف خوجة المبرر وقصه بشيء من العاطفة. فقد زار أحد مترجمي الجيش الفرنسي المفتي العنابي وأعلن له أن كلوزيل سيجلو عن الجزائر وأنه ينوي تسليم مقاليد الحكومة إليك فهل في استطاعتك أن تنظم جيشا وأن تعد قوة تهدىء البلاد وتدافع عنها؟ فأجابه العنابي بأنه سيبذل جهده في التنظيم عندما يحين الوقت. ثم سأله المترجم: وهل ستصلك الجنود من داخل البلاد أو أنك ستعتمد على