قال شاعر:
ثلاثة أحباب فحب علاقة ... وحبّ تملاق وحبّ هو القتل «1»
وسئل بعض الصوفية عن الحب والهوى فقال: الهوى يحلّ في القلب والمحبة يحلّ فيها القلب. وقيل: العشق اسم لما يفضل من المحبة، كما أن السخاء اسم لما جاوز الجود، والبخل اسم لما قصر عن الاقتصاد، والهوج اسم لما فضل عن الشجاعة.
وقال بعض الفلاسفة: الحب والعشق والهوى من جنس، لكن العشق اشتهار وتضرع، والوجد هو الحب الساكن الذي إذا رأى صاحبه شغف به وإذا غاب لهج بذكره، والهوى ما تتبعه النفس «2» غيا كان أم رشدا حسنا كان أو قبيحا ولذلك ذمّه الله تعالى بقوله:
وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
«3» .
زعم بعض المفلسفين أن الله تعالى خلق الأرواح كلّها كهيئة كرة ثم قطعها أنصافا فجعل في كل جسد نصفا «4» . فكل جسد لقي الجسد الذي فيه نصفه حصل بينهما عشق وتفاوت حالهما في القوّة والضعف على حسب رقة الطبائع.
وزعم بعضهم أن الصداقة على ثلاثة أنواع: إمّا لاتفاق الأرواح فيكون لاتفاق الشمس والقمر في المولّدين في برج واحد، فلا يجد أحدهما بدّا من حب صاحبه، وإمّا لمنفعة تحصل فتولد ذلك، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها وإما لإلفة تجتمع مواد الحرص إليها، ولهذا قال المتنبيّ:
وما العشق إلا غرّة وطماعة ... يعرّض قلب نفسه فتصاب
وقال الصمد المري:
وما العشق إلا النار توقد في الحشا ... وتذكى إن انضمت عليه الحوائج «5»