قال كشاجم:
ومغن بارد النغ ... مة مختلّ اليدين
ما رآه أحد في ... دار قوم مرّتين
وقال آخر:
إنّ سمعي في نعيم ... وعيوني في جحيم
وقال أبو الفضل بن العميد:
إذا غنّى لنا أمما ... حشوت مسامعي صمما
وإن أبصرت طلعته ... كحّلت نواظري بعمى
قال إسحاق الموصلي. أمر الصوت عجيب، منه ما يسر سرورا يرقص، ومنه ما يبكي ومنه ما يكمد ومنه ما يزيل العقل حتى يغشى على صاحبه، وليس يعتري ذلك من قبل المعاني لأنهم في كثير من الأحوال لا يفهمون. وقد بكى ما سرجويه من قراءة أبي رضي الله عنه، فقيل له: كيف تبكي لكتاب لا تصدق به؟ فقال: أبكاني الشجا وقد تسكن النفوس إليه وذلك موجود في أكثر البهائم والدواب، إذا غنى المكاري صرّت آذانها.
قال الموصلي: سألني المعتصم عن معرفة النغم، فقال بيّنها إليّ، فقلت: إن من الأشياء ما تحيط به المعرفة ولا تؤديه الصفة. وسألني عن شعرين متقاربين ففضلت أحدهما على الآخر، فقال من أين؟ فقلت: لو تفاوتا لأمكنني التبيين ولكن تقاربا، ففضل أحدهما على الآخر مما يشهد به الطبع ولا يعبّر عنه اللسان.
أتى عبد الملك بعود، فقال للوليد بن مسعدة ما هذا؟ فقال: خشبة تشقق ثم ترفق ثم يعلق عليها أوتار ثم تنطق فتضرب الكرام رؤوسها بالحيطان سرورا به، وامرأته طالق إن كان في المجلس أحد إلا وهو يعلم ما أعلمه، وأنت أولهم يا أمير المؤمنين، فضحك. وقالت الفرس:
نغمات العود من صرير باب الجنة، ولهذا سموه بربط معناه باب النجاة. قال كشاجم في أبيات له:
خلخاله في نحره ولسانه ... في أذنه وجبينه من أسفل