وَأَسْلَمَكَ ابْنُ عَمِّكَ فيهِ فَرْدًا ... وأَرْسَلَ مِنْ يَدَيْهِ أخوكَ حَبْلَكْ
وَحاوَلَتِ الْقُلوبُ سِواكَ ذِكْرًا ... أَنِسْنَ بِوَصْلِهِ ونَسِينَ وصْلَكْ
وصارَ الْوارِثونَ وأنْتَ صِفْرٌ ... مِنَ الدُّنْيا لِمالِكَ مِنْكَ أَمْلَكْ
إذا لمْ تَتَّخِذْ لِلْمَوْتِ زادًا ... ولَمْ تَجْعَلْ بِذِكْرِ الْمَوْت شُغْلَكْ
فَقَدْ ضَيَّعْتَ حَظَّكَ يَوْمَ تُدْعى ... وأَصْلَكَ حينَ تَنْسُبُهُ وفَصْلَكْ
أَراكَ تَغُرُّكَ الشَّهَواتُ قِدْمًا ... وكم قد غرت الشهوات مثلك
أمَا وَلَتَذْهَبَنَّ بِكَ الْمَنايا ... كما ذهبت بمن كان قبلك
بخلت بما ملكت فقف رويدا ... كأنك قد وهبت فلم يجز لك ...
كأنك عن قريب بالمنايا ... وقَدْ شَّتْنَ بَعْدَ الْجَمْعِ شَمْلَكْ
أَلا للهِ أنْتَ مَحَلّ عِلْمٍ ... رَأَيْتَ الْعِلْمَ لَيْسَ يَكُفُّ جَهْلَكْ
أَلاَ للهِ أَنْتَ حَسَبْتَ فعِلي ... عَلَيَّ فَعِبْتَهُ وَنَسِيتَ فِعْلَكْ
أَلاَ للهِ أنْتَ دَعِ التَّمَنّي ... ولا تَأْمَنْ عَواقِبَهُ فَتَهْلَكْ
وَخُذْ في عَذْلِ نَفْسِكَ كُلَّ يَوْمٍ ... لَعَلَّ النَّفْسَ تَقْبَلُ مِنْكَ عَذْلَكْ
أَلَمْ تَرَ جِدَّةَ الأَيَّامِ تَبْلى ... وَأَنَّ الْحادِثاتِ يُردْن قَتْلَكْ
ألا فاخُرُجْ مِنَ الدُّنْيا مُخِفٍّا ... وَقَدِّمْ عَنْكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ثِقْلَكْ
رَأَيْتُ الْمَوْتَ مَسْلَكَ كُلِّ حَيٍّ ... وَلَمْ أرَ دونَهُ لِلْحَيِّ مَسْلَكْ
وقال أيضًا:
كَأنَّ يَقينَنا بِالْمَوْتِ شَكُّ ... وما عَقْلٌ عَلى الشَّهَواتِ يَزْكُو
تَرى الشَّهواتِ غالِبَةً عَلَيْنا ... وَعِنْدَ الْمُتقينَ لَهُنَّ تَرْكُ
لَهَوْنا وَالْحَوادِثُ واثباتٌ ... لَهُنَّ بِمَنْ قَصَدْنَ إلَيْهِ فَتْكُ
وَفي الأَجْداثِ مِنْ أهْلِ الْمَلاهي ... رَهائِنُ ما تَفوتُ ولا تُفَكُّ