أَمَا يَهُولُكَ يَوْمٌ لا دِفَاعَ لَهُ ... إِذْ أنْتَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ مُنْغَمِسُ
أمَا تَهُولُك كأسٌ أنتَ شاربُها ... والْعقلُ منكَ لِكُوبِ الموت مُلْتَبِسُ ...
إيَّاكَ إيَّاكَ وَالدُّنْيَا وَلذَّتَهَا ... فَالْمَوْتُ فِيهَا لِخلْقِ اللهِ مُفْتَرِسُ
إِنَّ الْخَلائِقَ فِي الدُّنْيَا لَوِ اجْتَهَدُوا ... أَنْ يَحْبِسُوا عَنْكَ هذَا الْمَوْتَ مَا حَبَسُوا
إِنَّ الْمَنِيَّةَ حَوْضٌ أَنْتَ تَكْرَهُهُ ... وَأَنْتَ عَمَّا قَليلٍ فِيهِ تَنْغَمِسُ
مَالي رَأيْتُ بَسنِي الدُّنْيَا قَد افْتَتنُوا ... كَأنَّما هذِهِ الدُّنْيَا لَهُمْ عُرُسُ
إذَا وَصَفْتُ لَهُمْ دُنْيَاهُمُ ضَحِكُوا ... وَإنْ وَصَفْتُ لَهُمْ أُخْرَاهُمُ عَبَسُوا
مَالي رَأَيْتُ بَني الدُّنُيا وَإِخوْتَهَا ... كَأَنَّهُمْ لَكتاب اللهِ مَا دَرَسُوا
وقال أيضًا:
اللهُ كافٍ فَمالي دونَهُ كافِ ... عَلى اعْتِدائي عَلى نَفْسي وإسْرافي
تَشَرَّفَ النّاسُ بِالدُّنْيا وقَدْ غَرِقوا ... فيها فَكُلٌّ عَلى أَمْواجِها طافٍ
هُمُ الْعَبيدُ لِدارٍ قَلْبُ صاحِبهِا ... ما عاشَ مِنْها عَلى خَوْفٍ وإيجافِ
حَسْبُ الْفَتى بِتُقى الرَّحْمنِ مِنْ شَرَفٍ ... وما عَبيدُكِ يا دُنْيا بِأشْرافِ
يا دارُ كَمْ قَدْ رَأيْنا فيكِ مِنْ أثَرٍ ... يَنْعى الُمُلوكَ إلَيْنا دارِسٍ عافِ
أوْدى الزَّمانُ بِأسْلافي وخَلَّفَني ... وسَوْفَ يُلْحقَني يَوْمًا بِأسْلافي
كَأَنَّنا قَدْ تَوافَينْا بِأَجْمَعِنا ... في بَطْنِ ظَهْرٍ عَلَيْهِ مَدْرَجُ السافي
أُخَيِّ عِنْدي مِنَ الأَيامِ تجْرِبَةٌ ... فيما أَظُنُّ وعِلْمٌ بارعٌ شافِ
لا تَمْشِ في الناسِ إلا رَحْمَةً لَهُمُ ... ولا تُعامِلْهُمُ إِلاّ بِإنْصافِ
واقْطَعْ قُوى كُلِّ حِقْدٍ أنْتَ مُضْمِرُهُ ... إنْ زَلَّ ذُو زَلَّةٍ أوْ إنْ هَفا هافِ
وارْغَبْ بِنَفْسِكَ عَما لا صَلاحَ لَهُ ... وأَوْسِعِ النَّاسَ مِنْ بِرٍّ وإلْطافِ
وإِنْ يَكُنْ أحْدٌ أوْلاكَ صالِحَةً ... فَكافِهِ فَوْقَ ما أوْلى بِأضْعافِ
وَلا تُكَشِّفْ مُسيئًا عَنْ إساءَتِهِ ... وَصِلْ حِبالَ أخيكَ القْاطِعِ الْجافي