فَالْحَمْدُ للهِ حَمْدًا لا انْقِطاعَ لَهُ ... ما إنْ يُعَظَّمُ إلا مَنْ لَهُ وَرِقُ
وَالْحَمْدُ للهِ حَمْدًا دائِمًا أَبَدًا ... فازَ الّذينَ إلى ما عِنْدَهُ سَبَقوا
وَالْحَمْدُ لله شُكْرًا لا نَفادَ لَهُ ... الناسُ في غَفْلةٍ عَما لَهُ خُلِقوا
ما أغْفَلَ النّاسَ عَنْ يَوْمِ ابْتعِاثِهِمُ ... وَيَوْمِ يُلْجِمُهُمْ في الْمَوْقِفِ الْعَرَقُ
قال رحمه الله:
نَسِيتُ مَنيِتَّي وَخَدَعْتُ نَفْسِي ... وَطَالَ عَلَيِّ تَعْمِيْرِيْ وَغَرْسِيْ
وَكُلُّ ثَمِينَةٍ أَصْبَحْتُ أُغْلي ... بِهَا سَتُبَاعُ مِنْ بَعْدِي بِوَكْسِ
وَمَا أَدْرِي وَإنْ أمَّلْتُ عُمْرًا ... لَعَلي حِينَ أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِيْ
وَسَاعَةُ مَيْتَتِي لابُدَّ مِنْهَا ... تعَجِّلُ لقْلَتِي وتُحِلُّ حَبْسيْ
أَمُوتُ وَيكْرَهُ الأَحْبابُ قُرْبي ... وَتَحْضُرُ وَحْشَتِي وَيَغِيبُ أُنْسِيْ
أَلاَ يَا سَاكَنَ الْبَيْتِ الْمُوَشى ... سَتُسْكِنكَ الْمَنِيَّةُ بَطْنَ رَمْسِ
رَأيْتُكَ تَذْكُرُ الدُّنيَا كَثِيرًا ... وَكَثْرَةُ ذِكْرِها لِلْقَلْبِ تُقْسِي
كَأَنَّكَ لا تَرَى بِالْخَلْقِ نَقْصًا ... وَأَنْتَ تَراهُ كُلَّ شُرُوقِ شَمْسٍ
وَطَالِبِ حَاجَةٍ أَعْيَا وَأَكْدَى ... وَمُدْرِكِ حَاجةٍ في لِينِ مَسِّ
ألا وَلَقَلَّ مَا تَلْقَى شَجِيٍّا ... يضيعُ شَجَاهُ إلاَّ بِالتَّأَسِّي
وقال أيضًا:
مَا يَدْفَعُ الْمَوْتَ أرْصَادٌ وَلا حَرَسُ ... مَا يَغْلِبُ الْمَوْتَ لا جِن وَلا أَنَسُ
مَا إنْ دَعَا الْمَوْتُ أَمْلاكًا وَلا سُوَقًا ... إلاَّ ثَنَاهُمْ إِلَيْهِ الصَّرْعُ والْخُلَسُ
لِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الأَقْوامُ كُلُهُم ... وَلِلْبِلَى كُلُّ مَا بَنَوْا وَمَا غَرَسُوا
هَلاَّ أُبَادِرُ هذَا الْمَوْتَ في مَهَلٍ ... هَلاَّ أُبَادِرُهُ مَا دَامَ بي نَفَسُ
يَا خَائِفَ الْمَوْتِ لَوْ أَمْسَيْتَ خَائِفَةُ ... كَانَتْ دُمُوعُكَ طُولَ الدَّهْر تَنْبَجِسُ