وقال رحمه الله تعالى:
أَلاَ نَحْنُ في دارٍ قَليلٍ بَقاؤُها ... سَريعٍ تَدانيها وَشيكٍ فَناؤُها
تَزَوّدْ مِنَ الدُّنْيا التُّقى وَالنّهى فَقَدْ ... تَنَكْرَتِ الدُّنْيا وَحانَ انْقِضاؤُها
غَدًا تَخْرَبُ الدُّنْيا وَيَذْهَبُ أهْلُها ... جَميعًا، وَتُطْوى أرْضُها وَسَماؤُهَا
وَمَنْ كَلَّفَتْهُ النَّفْسُ فَوْق كَفافِها ... فَما يَنقْضي حتَّى الْمَماتِ عَناؤُها
تَرَقَّ مِنَ الدُّنْيا إلى أيِّ غايَةٍ ... سَمَوْتَ إلَيْها فَالْمَنايا وَراؤُها
وقال أيضًا:
أَلاَ في سَبيل اللهِ ما فاتَ مِنْ عُمْري ... تَفاوَتُ أيّامي بِعُمْري وما أدْري
فَلا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ ولا بُدَّ مِنْ بِلًى ... ولا بُدَّ مِنْ بَعْثٍ ولابُدَّ مِنْ حَشْرِ
وإنّا لَنَبْلَى ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ ... عَلى قَدْرٍ للهِ مُخْتَلِفٍ يَجْزي
وَنَأْمُلُ أَنْ نَبْقى طَويلاً كَأَنَّنا ... عَلى ثِقَةٍ بِالأَمْنِ مِنْ غِيَرِ الدِّهْرِ
ونَعْبَثُ أحْيانًا بِما لا نُريدُهُ ... ونَرْفَعُ أعْلامَ الْمَخِيَلةِ والْكِبْرِ
وَنَسْمو إلى الدُّنْيا لِنَشْرَبَ صَفْوَها ... بِغَيْرِ قُنوعٍ عَنْ قَذاها ولا صَبْرِ
فَلَوْ أَنَّ ما نَسْمو إلَيْهِ هُوَ الْغِنى ... وَلكِنَّهُ فَقْرٌ يَجُرُّ إِلى فَقْرِ
عَجبِْتُ لِنَفسي حينَ تَدْعو إلى الصِّبا ... فَتَحْمِلُني مِنْهُ عَلى الْمَرْكَبٍِ الْوَعْرِ
يَكونُ الْفَتى في نَفْسِهِ مُتَحَرِّزًا ... فَيَأْتيهِ أمْرُ اللهِ مَنْ حيث لا يدري ...
وما هي إلا رقدة غير أنها ... تطول على من كانَ فيها إلى الْحَشْرِ
* * *
وقال أيضًا:
كَأَنَّكَ قَدْ جاوَرْتَ أهْلَ الْمَقابِرِ ... هُوَ الْمَوْتُ يا ابْنَ الْمَوْتِ إنْ لمْ تُبادِر
تَسَمَّعْ مِنَ الأيّامِ إنْ كُنْتَ سامِعًا ... فَإنَّكَ فيها بَيْنَ ناهٍ وآمِرٍ