وله أيضًا:
لَعَمْرُكَ ما الدُّنْيا بِدارِ بَقاءِ ... كَفاكَ بِدارِ المَوْتِ دارَ فَناءِ
فَلا تَعْشَقِ الدُّنْيا أُخَيَّ فإنما ... تَرى عاشِقَ الدُّنْيا بِجُهْدِ بَلاءِ
حَلاوَتُها مَمُزوجَةٌ بِمَرارَةٍ ... وَراحَتُها مَمْزوجَةٌ بِعَناءِ
فَلا تَمْشِ يَومًا في ثِيابِ مَخِيلةٍ ... فإِنْكَ مِن طين خُلِقُتَ وَماءِ
لَقَلْ امْرُؤٌ تَلْقاهُ للهِ شاكِرًا ... وَقَلّ امْرُؤٌ يَرْضى لَهُ بِقَضاءِ
وَللهِ نَعْماءٌ عَلَيْنا عَظيمَةٌ ... وَللهِ إحْسانٌ وَفَضْلُ عَطاءِ
وَما الدّهْرُ يَومًا واحِدًا في اخْتِلافهِ ... وَما كُلُّ أيّامِ الْفَتى بِسَواءِ ...
ومَا هُوَ إلاّ يَومُ بُؤْسِ وَشِدْةٍ ... وَيَومُ سُرورٍ مَرّةً وَرَخاءِ
وَما كُلُّ ما لمْ أرْجُ أُحْرَمُ نَفْعَهُ ... وَما كُلُّ مَا أرْجوهُ أهْلَ رَجاءِ
إذا ما خَليلٌ حَلّ في بَرْزَخِ الْبِلى ... فَحَسبي بِهِ نَأيًا وَبُعْدَ لِقاءِ
أَزورُ قُبورَ المُتْرَفينَ فَلا أرى ... بَهاءً، وَكانوا قَبْلُ أَهْلَ بَهاءِ
وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَرِيْمَةِ ... وَكُلٌّ بِدَاءِ المَوْتِ كُلُّ دَوَاءِ
طلبت فما ألفيت للموت حيلة ... ويعيا بداء الموت كل دواء
وَنَفْسُ الْفَتى مَسْرورَةٌ بِنَمائِهَا ... وَلِلنَّقْصِ تَنْمي كُلُّ ذاتِ نماءِ
وَكمْ مِنْ مُفَدَّى ماتَ لمْ أرَ أهْلَهُ ... حَبَوْهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ
أمامَكَ يا نَدْمانُ دارُ سَعادَةٍ ... يَدومُ النَّما فيها وَدارُ شَقاءِ
خُلِقْتَ لإِحدى الغْايَتَيْنِ فَلا تَنَمْ ... وَكُنْ بَيْنَ خَوْفٍ مِنْهُما وَرَجاءِ
وَفي النَّاسِ شَرٌّ لَوْ بَدا ما تَعاشَروا ... وَلكِنْ كَساهُ اللهُ ثَوْبَ غِطاءِ