فَلَيسَ كَاللهِ شَيءٌ مِن بريَّتهِ ... سُبْحَانَهُ وَهو ذُو سَمْعٍ وذُو بَصَرِ
فاللهُ مِن فَوقِنَا يَدْرِي تَقَلبنَا ... ويُبْصرُ النَّمْلَ إذَ يمشي عَلَى الصَّخَرِ
يَسْمَعْ أنِينَ ذَوي الشَّكْوى إذَا دنِفُوا ... ويَرْزُقُ الطَّيرَ والأفْراخُ لَمْ تَطرِ
كَذَاكَ قَدْ آمنوا بِاللهِ خَالِقَهمِ ... وبالملائكِ مَعْ مَن جَاءَ بالنُذُرِ
وبالكتابِ وبَعْثٍ بَعْدَ مَوتِهِم ... يَومَ القيامِ مِن الأَجْداثِ والحُفَرِ
غُرْلاً وحُفْيًا وعُرْيًا مِثْلَمَا وُلِدُوا ... وَليسَ مِن مَلْجَأ أو ثمَّ مِن وَزَرِ
ويُؤمِنُونَ بأقْدارِ الإلهِ مَعًا ... فالخيرُ والشَّر مِن تدبير مُقْتَدِرِ
ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ يَسْألانِ لَنَا ... في القَبْرِ ما الربُّ ما المُرسَل مِن البَشَرِ
ما الدّينُ فَورًا أجِبْ مَاذَا تَدْينُ بِهِ ... إنْ كُنْتَ مِن أُمَّة المبعُوثِ بالسُّوَرِ
فَثَبِّتِ اللهُ عِنْدَ السُؤْلِ مَنْطِقَنَا ... وَعَافِنَا مِن عَذَابِ القَبْرِ والسَّعرِ
فَقَدْ يَكُونُ جَحِيمًا حَسْبَ سَاكِنِهِ ... أو رَوضَةً مِن رِياض الخُلْدِ ذي الثمرِ
وبالحسابِ وبالميزانِ يَنْصِبُهُ ... لِلْعَدلِ مَا فيهِ مِن بَخْسٍ ولا غَرَرِ
كَذَا الصراطُ إذَا يُضْرَبْ لمعْبَرِهمِ ... مِن فَوقِ جَسْرِ لَذَاتِ الهَولِ والشَّرَرِ
كَيفَ المُرُورُ عَليهِ إذْ مَسَافَتُهُ ... ألفانِ مَعْ ثَالِثٍ قَدْ جَاءَ في الأثَرِ
ألْفٌ صُعُودٌ وألْفٌ مُسْتو وَكَذَا ... ألفٌ هُبُوطٌ فَهَلْ نَسْلَمْ مِن الخَطَرِ
في الحَر كَالجَمْرِ مَعْ رَوغِ الثعالبِ بَلْ ... فِي حِدَّة السِّيفِ بَلْ فِي دِقَّة الشَّعرِ
فَمنَ نَجَا فَبعفْو الله سَلَّمَهُ ... وَمَن هَوى فَبِعَدْلِ الله في سَقَرِ
والنارُ حَقٌ أعَاذَ اللهُ أَجْسُمَنَا ... مِنْهَا بِعَفْوٍ وأنْجانَا مِن السَّعَرِ
كذاك جناته فالله يسكننا ... منها الفراديس ذات الفرش والسرر
كَذَلكَ الكوثر المُعْطاه سَيِّدُنا ... وُرَّدُهُ هُمُ ذَوُو التحجيل والغُرَرِ ...
وما سِوَاهُم يُنَحَّى لَيسَ يَطْعَمُهُ ... لأنَّهُ لَمْ يُتَابعْ سَيِّدَ البَشَرِ
يَا ربِّ إنا ضعافٌ فاسْقِ ظَمْأتَنَا ... مِنْ حَوضِ عَبْدِكَ يَومَ الوِرْدِ والصَّدَرِ
وهو المُشَّفَّعُ عِنْدَ الاحْتِيَاجِ إذَا ... تألَّمَ النَّاسُ مِن حَشْرٍ ومِن ضَرَرِ