خِلٌّ صَديقٌ لِنَهْجِ الحق مُتَّبعٌ ... فَلَم أجْد مِنْه مِن عُذْرِ لِمُعْتَذِرِ
لأَنْظُر الآنَ فِي تَسْطير مُعْتَقَدٍ ... قَدْرًا بِه مِنْهُ مَا أبْدى مِن الغَرِرِ
قَدَّمْتَ رِجْلاً وقَدْ أخَّرَتُ ثَانيةً ... خَوفًا إذ المرْءُ لَمْ يَسْلَمْ مِن الخَطَرِ
فَقُلْتُ بَعْدَ اسْتَخَارِ اللهِ مُمْتَطِيًا ... رَكَائِبَ الفِكْرِ والامْعانِ بالنَّظَرِ
خُذْ مُجْمَلَ القَولِ والتَّفْصِيلِ تَحْظ بِهِ ... تَرَى بَعَينَيكَ مَا يُغْنِي عن الخَبَرِ
مِنْ جَمْعِ عَالِمنَا النَّحْرِير الَّفَهُ ... ذَاكَ ابنُ سحمَان بالقَولِ الصوابِ حَرِ
كَمْ شُبْهَةٍ مِن أُولي الإِلْحادِ أبْطَلَهَا ... رَأَيتُ قَائِلَهَا وَلَّى على الدُّبُرِ
ماَ زَالَ فِينَا مَدَى الأيامِ مُنْتَصِرًا ... لِلدِّين في فُسْحَةٍ مِن وَاسِع العمُرِ
أجَلْتُ فِكْري بِقَولٍ فيهِ مِنْ سُننٍ ... وَفيهِ سَفْسَافُ أوضَاعٍ لِذِي أشَرِ
مَا قَالَه مُنْصِفٌ أو مُهْتَدٍ أبَدًا ... عَجِبْتُ مِن نَظْمِهِ اللؤْلُؤْ مَعَ البَعَرِ
فاللهُ عن سَيِّئ التَّمثيلِ حَذَّرَنَا ... ثُمَّ الرسول فحذَر غَايةَ الحَذَرِ
فأظهرَ الدينَ بَعْدَ الاخْتفَا فعلا ... عَلَى الظِّلالِ وعَادَ الكُفْرُ في صِغَرِ
وقَالَ للنَّاسِ إنِّي قَدْ تَركُتُمُو ... عَلَى المَحَجَّةِ بيضَاً فاتْبِعُوا أَثَرِ
فالليلُ مِنْهَا شَبيه بالنَّهار فَلاَ ... فِيهَا اعْوجَاجٌ ولا شَيءٌ مِن الوَعَرِ ...
مَن زَاغَ عَنها فَلاَ تَبكُوا لَهُ أسفًا ... إنْ لَم يَتب فَهْوَ حَتْمٌ مِن أُولِي سَقَرِ
فأَصلُها الآيُ قُرآنٌ مُنَزَّلَةٌ ... وفَرْعُهَا كُلُ مَا قَدْ صَحَّ مِن خَبَرِ
عن الثِّقَات الأُولى أولاَكَ قُدْوَتُنَا ... أكْرِم بِهمْ سَادَةً كالأنْجُمِ الزهرِ
فالكُلُ يَدْعُو إلى تَوحِيدِ خَالِقِنَا ... فَصَحَّ لَمْ يَمْتَرِ في ذَاكَ مِن بَشَرِ
إلا الذِي أخَذَ الشيطانُ نَاصِيَةً ... مِنْهُ فأوقَعَهُ فِي الشّكِ والحيَرِ
فَمَنْ يَخُوضُ بأسْماءٍ وفي صِفَةٍ ... لله جَلَّ عن الأشْبَاهِ والصُّوَرِ
ويَجْعلُ الرَّأْيَ والأشْيَاخُ قُدْوَتهُ ... وَلم يُعَرِّجْ إلى مَا صَحَّ في الأَثَرِ
فَذَاكَ قَدْ فَاتَهَ التَّوفِيقُ وانْعَكَسَتْ ... طباعُهُ فَهْو معْدُودٌ مِن الحُمُرِ
لاَ فْرقَ إن قَالَ مَا قَالَ الألَى سَلَفُوا ... إنَّا وَجَدْنَا فَهَا نَحْنُ عَلَى أثَرِ