كَمْ نَالَهُمْ من نَكْبَةً وَأذيَّةٍ ... هَانَتْ لِذَاتِ الخَالِقِ الدَّيَانِ
نَشَرَ الإلهُ لَهُم ثَنَاءً صَادِقًا ... إِذ أَحْسَنُوا في العِلْمِ وَالإِيمَانِ
فَقُلُوبُ أَهْلِ الخَيرِ مِن حُبِّ لَهُم ... قَدْ أُشْرِبَتْ وَثَنَاؤُهُمْ بِلِسَانِ
أَعْنِي به شَيخَ الوَرَى وَإِمَامَهُمْ ... يُعْزَى إِلى تَيمِيَّةِ الحَرانِ ...
وَالآخَرُ المَدْعُوُ بابْنِ القَيِّمِ ... بَحْرِ العُلُومِ العَالِمِ الرَّبَانِي
فَهُمَا اللذاننِ قَدْ أَودَعَا في كُتْبهِمْ ... غُرَرَ العُلُومِ كَثِيرِةِ الأَلوانِ
فيها الفَوَائِدُ وَالمَسَائِلِ جُمِّعَتْ ... مِنْ كلِّ فَاكِهَةٍ بِهَا زَوجَانِ
إنْ رُمْتَ مَعْرِفَةَ الإِلَهِ وَما لَه ... مِن وَصْفِهِ وَكَمَالِهِ الرَّبَانِي
أَو رُمْتَ تَفْسِيرَ الكِتَابِ وَمَا حَوَى ... مِن كَثْرَةِ الأَسْرَارِ وَالتِّبْيَانِ
أَو رُمْتَ مَعْرِفَةَ الرَّسُولِ حَقِيقَةً ... وجَلالةَ المَبْعُوثِ بِالفُرْقَانِ
أَو رُمْتَ فِقْهَ الدِينِ مُرْتَبِطًا به ... أَصْلُ الدَّلِيلِ أَدْلَّةَ الإِتْقَانِ
أَو رُمْتَ مَعْرِفَةََ القَصَائِدِ كُلّهَا ... لِلْمُبْطِلِينَ وَرَدَّهَا بِبيَانِ
أَو رُمْتَ مَعْرِفَةِ الفُنُونِ جَمِيعِهَا ... مِن نَحْوِهَا والطِّبِ لِلأَبْدَانِ
تَلْقَ الجَمِيعَ مُقَرَّرًا وَمُوضَّحًا ... قَدْ بَيَّنَاهَا أَحْسَنَ التَّبْيَانِ
جَمَعَتْ عَلَى حُسْنِ العِبَارِةِ رَونَقًا ... وَبِهَاءَ مَعْنَى جَلَّ ذُو الأتْقَانِ
تَدْعُو القُلُوبَ إِلى مَحَبَّةِ رَبِّهَا ... وَالذِكْرِ لِلْرَحمنِ كُلَّ أَوانِ
يَدْرِي بِهَذَا من له نَوعُ اعْتَنَا ... في كُتْبِهم مَع صِحَّةِ العِرْفَانِ
فَاحْمَدِ إِلهَ الخَلْقِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً ... تَشْتَاقُهَا وَتُحِبُّهَا بِجَنَانِ
وَاحْمَدْ إِلَهَ الخَلْقِ أَيضًا ثَانِيًا ... في نَشْرِهَا في هَذِهِ الأَزْمَانِ
حَتَّى غَدَتْ بَينَ العِبَادِ كَثِيرةً ... مَشْهُورَةً في سَائِرِ البُلْدانِ
فَعَسَى الذِي بَعْث القروم لنشرها ... أَن يبعث العَزَمَاتِ بَعد تَوانِ
حتى تكون إلى العلوم سريعة ... مشتاقة للعلم والعرفان