يَكْفِيكَ بالجَهْلِ قُبْحًا أنَّ مُؤْثِرَهُ ... قَدْ آثَرَ المَطْلَبَ الأَدْنَى وَيفْتَخِرُ
أيُّ المَفَاخِرِ تَرضَى أَنْ تُزَانَ بِهَا ... أَجَهْلُكَ النَّفْسَ جَهْلاً مَا لَهُ قَدَرُ
أَمْ بِالجَهَالَةِ منك في شَرِيعَتِهِ ... كَيفَ الصَّلاةُ وَكَيفَ الصَّومُ وَالطُّهُرُ
أَمْ كَيفَ تَعْقِدُ عَقْدًا نَافِذًا أَبَدًا ... كَيفَ الطَّلاقُ وَكَيفَ العِتْقُ يا غُدَرُ
أَم افْتِخَارُكَ بِالجَهَل البِسَيطِ نِعَم ... وَبِالمُرَكَّبِ لا تُبْقِي ولا تَذَرُ
تَبًّا لِعَقْلٍ رَزين قَدْ أَحَاطَ بِهِ ... مَعْ الجَهَالَةِ رَينُ الذَّنْبِ والغَرَرِ
كَمْ بَينَ مَن هُوَ كَسْلانٌ أَخُو مَلَلٍ ... فَمَا لَهُ عَن ضَيَاعِ الوَقِتِ مُزْدَجَرُ
قَدْ اسْتَلانَ فِراشَ العَجْزِ مُرَتَفقًا ... حَتَّى أَتَى المُضْعِفانِ: الشَّيبُ وَالكِبَرُ
وَبَينَ مَنْ هُو ذُو شَوقٍ أَخُو كَلَفٍ ... عَلَى العُلُومِ فَلا يَبْدُو لَهُ الضَّجَرُ
يَرْعَى التّقِيَّ وَيَرْعَى من تَحفَظُهِ ... أَوقَاتَُهُ مِن ضَياعِ كُلُّهُ ضَرَرُ
لا يَسْتَريحُ ولا يُلْوي أَعِنَّتَهُ ... عن الوُصُول إلى مَطْلُوبِهِ وَطَرُ
تُلْفِيهِ طَورًا عَلَى كُتْبٍ يُطَالِعُهَا ... يَحْلُو لَهُ مَن جَنَاهَا مَا حَوَى الفِكَرُ
تُلْهِيهِ عن رَوضَةٍ غَنَّاءَ مُزْهِرةٍ ... أَطْيَارُهَا غَرَّدت والماءُ مُنْهَمِرُ
وبَاحثًا تارةً مَعْ كُلِّ مُنْتَسِبٍ ... يَبْغِي الرَّشَادَ فَلا يَطْغَى وَيَحْتَقِرُ
وَاهًا لَهُ رَجُلاً فَرْدا مَحَاسِنُهُ ... بِالحَزْمِ والعَزْمِ هَانَ الصَّعْبُ والعُسُرُ
وقال رحمه الله تعالى يمدح شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومؤلفاتهما:
يَا طَالِبًا لِعُلُوم الشَّرعِ مُجْتَهِدًا ... يَبْغِي انْكِشَافَ الحقِ وَالعِرْفَانِ
احْرِصْ عَلى كُتْبِ الإِمَامَينِ اللذين ... هما المَحَكُّ لِهِذه الأَزْمَانِ
العَالِمَينِ العَامِلِينِ الحَافِظَينِ ... المُعْرِضَينِ عن الحُطَامِ الفَانِي
عَاشَا زَمَانًا دَاعِيَيْنِِ إلى الهُدَى ... مَن زَائِغٍ ومُقَلَّدٍ حَيرَانِ
صَبرا النفُوسَ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهَا ... لِلْقَلْبِ والأَقْوَالِ وَالأَرْكَانِ