وفي اخْتَلافِ اللِيلِ والنَّهَارِ ... تَبّصِرةٌ لِكُلِ ذِي اعْتِبَارِ
والمَلِكُ الجَبَّارُ في بِلاَدِهِ ... يُورِثُهُ مَنْ شَاءَ مِن عِبَادِهِ
وكُلُّ مَخْلُوقِ فلِلْفَنَاء ... وكُلُ مُلْكٍ فإلَى انْتِهَاءِ
ولا يَدُومُ غَيرُ مُلْكِ البَارِي ... سُبْحَانَهُ مِن مَلِكٍ قَهَّارِ
مُنْفَردٍ بالعِزِّ والبَقَاءِ ... ومَا سِوَاهُ فإلَى انْقِضَاءِ
أَوَّلُ مَن بُويِعَ بالخِلاَفِةِ ... بَعْدَ النَّبِي ابْنُ أبي قُحَافَهْ
أعْنِي الإِمَامَ الهَادِيَ الصِّدِيقَا ... ثُمَّ ارْتَضَى مِن بَعْدِهِ الفارُوقَا
الفَاتِحَ البِلادَ والأمْصَارَا ... واسْتَأصَلَتْ سُيُوفُهُ الكُفَّارِا
وقَامَ بالعَدْلِ قِيامًا يُرْضِي ... بِذَاكَ جَبَّارُ السَّمَاء والأرْضِ
ورَضِيَ النَّاسُ بِذِي النُورَينِ ... ثُمَّ عَليٍّ وَالدِ السِّبْطَينِ
ثُمَّ أَتَتْ كَتَائِبُ مَعَ الحَسَنْ ... كَادُوا بأنْ يجَدِّدُوا بِهَا الفِتَنْ
فأَصْلَحَ اللهُ عَلَى يَدَيهِ ... كَمَا عَزَا نَبِيُّنَا إليهِ
وجَمَعَ النَّاسَ عَلَى مُعَاوِيَةْ ... وَنَقَلَ القِصَّةَ كُلُّ رَوِايَةْ
فَمَهَّدَ المُلْكَ كَمَا يُرْيِدُ ... وقَامَ فِيهِ بَعْدهُ يَزِيدُ
ثُمَّ ابْنُهُ وكَانَ بَرًّا رَاشِدَا ... أعَنْي أبَا لَيلَى وكَانَ زَاهِدَا
فَتَركَ الإمْرةَ لاَ عَنْ غَلَبَهْ ... ولَمْ يَكُنْ إليهَا مِنْهُ طِلْبَهْ
وابنُ الزُبَيّرِ بالحِجَازِ يَدْأبُ ... في طَلَبِ المُلْكِ وفيهِ يَنْصِبُ
وأهلُ شامٍ بَايَعُوا مَرْوَانَا ... بحُكْمِ مَنْ يَقُولُ كُنْ فَكَانَا
ولَمْ يَدُمْ في المُلْكِ غَيرَ عَامِ ... وعَافَصَتْهُ أسْهُمُ الحِمْامِ
واسْتَوثَقَ المُلْكَ لِعَبْدِ المَلِكِ ... ونَارُ نَجْمِ سَعْدِهِ في الفَلكِ
وكُلُ مَن نَازَعَهُ في المُلْكِ ... خَرَّ صَرِيعًا بِسُيُوفِ الهُلْكِ
وقَتلَ المُصْعَب بالعرَاقِ ... وَسَيَّرَ الحَجَاجَ ذَا الشِّقَاقِ
إلى الحِجَازِ بِسُيُوفِ النِّقَمِ ... وابْنُ الزُبَيرِ لاَئِذٌ بالحَرَمِ