يا مَنْ زَرَعْتَ الشَرَّ لنْ تَجْنيَ سِوَى ... شَرِّ وحِقدٍ فِي الصُدَورَ دَفِينِ
سَيَزُولُ حُكْمُكَ يا ظَلُومٌ كَمَا انْقضَتْ ... دُوَلٌ أولاَتُ عَسَاكِرٍ وحُصُونِ
سَتَهُبُّ عَاصِفَةٌ تَدُكُ بِنَاءَهُ ... دَكًّا ... ورُكْنُ الظُلْمً غَيرُ رَكِينِ
ماذا كَسَبْتَ وقد بَذَلْتَ مِن القُوَى ... والمَالِ بَالآلافِ وَالْمِلْيُونِ؟
أَرْهَقْتَ أعْصَابَ البلاد ومَالَهَا ... ورجَالَهَا في الهَدْمِ لا التَّكْوِين
وأدَرْتَ مَعْرَكَةً تأجّجَ نَارُها ... مَعَ غير «چانِ بولٍ» ولا «كوهين»
هَلْ عُدْتَ، إلا بالهَزِيمَةِ مَرَّةً ... ورَبِحْتَ غَير خَسَارَةِ المغْبُونِ؟
وحَفَرْتَ في كُلِّ القُلُوبَ مَغَاوِرًا ... تَهْوِي بِهَا سُفْلاً إلى سَجِّينِ
وبَنَيتَ مِن أَشْلائِنَا وعِظَامِنَا ... جَسْرًا بِهِ نَرْقَى لِعِلِّيِّينِ
وصَنَعْتَ باليد نَعْشَ عَهْدِكَ طَائِعًا ... وَدَقَقْتَ إسْفَينًا إلى إسْفِينِ
وَظَنَنْتَ دَعْوَتَنَا تمُوتُ بِضَرْبَةٍ ... خَابَتْ ظُنُونُكَ فَهْيَ شَرُّ ظُنُونِ
بَلِيَتْ سِيَاطُكَ والعَزَائِمُ لم تَزَلْ ... مِنَا كَحَدِّ الصَّارِمِ المَسْنُونِ
إنَّا لعَمْرِي إنْ صَمَتْنَا بُرْهَةً ... فالنَّارُ فِي البُرْكَانِ ذاتُ كُمُونِ
تَاللهِ ما الطُغْيَانُ يَهْزِمُ دَعْوةً ... يَومًا، وفي التَّارِيخِ بَرُّ يَمِينِي
ضَعْ فِي يَدَي القَيدَ، أَلْهِبْ أَضْلُعِي ... بِالسَّوطِ، ضَعْ عُنْقِي عَلىَ السِّكِينِ!
لنْ تَسْتَطِيعَ حِصَارَ فِكْرَي سَاعَةً ... أو نَزْعَ إيمَانِي ونُورِ يَقِينِي!
فالنُوِرُ في قَلِبِي .. وقِلْبِي فِي يَدَي ... رَبي .. ورَبي نَاصِرِي ومُعِينِي!
سَأَعِيشُ مُعْتَصِمًا بحَبْلِ عقيدِتي ... وأَمُوتُ مُبْتَسِمًا لِيَحْيَا دِينِي!
آخر:
أَما آنَ عَمَّا أَنْتَ فيه مَتَابُ ... وهَلْ لَكَ مِن بعدِ البِعادِ إيابُ
تَقَضَّتْ بِكَ الأعمارُ في غير طاعةٍ ... سِوى عَمل تَرْضَاهُ وهْوَ سَرَابُ
إذا لم يَكُنْ للهِ فِعلك خالِصًا ... فكلُ بناءِ قد بَنَيُتَ خَرابُ
فلِلِعَمَلِ الإخلاصُ شرطٌ إذا أتَى ... وقَدْ وَافقتْهُ سُنةٌ وكِتَابُ
وقد صِينَ عن كُلِّ ابتداعٍ وكيف ذا ... وقد طبَّق الآفاق منه عُبَابُ
طغى الماءُ مِن بَحرِ ابتداعٍ على الوَرَى ... ولم يَنْجُ منه مَرْكَبٌ وركَابُ
وطُوفِانُ نُوح كانَ في الفُلك أهلُه ... فنَجََّاهُمُ والكافِرُونَ تَبَابُ