وأَحَاطَنَا ببَنَادِقِ ومَدَافِعَ ... فَغَرَتْ لَنَا فَاهَا كَفِي التَنينَ!! ...
طَابُورُ «تَكْدِيرٍ» ثَقِيلُ مُرْهِقُ ... فِي وَقْتِ أَحْلاَمٍ وآنِ سُكُونِ
نَعْدُو كَمَا تَعْدُو الظِّبَاءُ يسُوقُنَا ... لَهَبُ السِيَاطِ شَكَتْ مِن التَّسْخِينِ
ومَضَتْ عَلينَا سَاعَتَانِ وكُلُنَا ... عَرَقُ تَصَببَ مِثْلَ فَيضِ عُيُونِ
مَنْ خَرِّ إغْمَاءً يُفِقْ عَجْلاً عَلىَ ... ضَرَبَاتِ سَوطٍ لِلْعَذَابِ مُهِينِ
ومن ارْتَمَى فِي الأرضِ مِن شَيخُوخَةٍ ... أَو عِلَّةٍ .. داسُوهُ دَوسَ الطِينِ
لَمْ يَكْفِ حَمْزَةَ كُلُ مَا نُؤْنَا بِهِ ... مِن فَرْط إعْياءٍ ومِن تَوهِينِ
فَأتىَ يُوَزِّعُ بالمُفَرِّق دَفْعَةً ... بالسَّوطِ مِن عِشْرِينِ لِلْخمْسِينِ
كُلٌ يَنَالُ نَصِيبَهُ بِنَزَاهَةِ ... في العَدِّ والإتْقَانِ والتَّحْسِينَ!!
وإذا نسِيتُ فَلَسْتُ أنْسَى خُطْبَةً ... مَا زَالَ صَوتُ خَطِيبِهَا يُشْجِينِي
إذْ قَالَ حَمْزَةُ - وهْوَ مُنْتفِخٌ - فَلَمْ ... يَتْرُكْ لِفِرعَونَ وَلا قَارُونِ:
أَينَ الأُلَى اصْطَنَعُوا البُطُولةَ وادَّعَوا ... أَنِي أعْذِبُّهُمْ هُنَا بِسُجُونِي!
أَظَنَنْتُمُوا هَذَا يُخَفِّفُ عَنْكُمُوا؟ ... كَلاً، فأَمْرُكُمُ انْتَهَى، وسَلُونِي؟!
أَمْ تحَسْبُونَ كَلامَ أَلْفٍ مِنْكُمُوا ... عَنْكُمِ وعن تَعْذِيبِكُمْ يَثْنِينِي؟!
إنِّي هُنَا القَانُون، أعْلىَ سُلْطةٍ ... مَنْ ذَا يُحَاسِبُ سُلْطةَ القَانُونِ؟!
مُتَفَرِّدٌ فِي الحُكْمِ دُونَ مُعَقِّبٍ ... مَن ذَا يُخَالِفُنِي ومَنْ يَعْصِينِي؟!
فإذا أَرَدْتُ وَهَبْتُكُمْ حُرِّيَةً ... أَو شِئْتُ ذُقْتُمْ مِن عَذَابِي الهُونِ
مَنْ مِنُكُمُو سَامَحْتُهُ فِبَرَحْمَتِي ... وإذا أَبَيتُ فَذَاكَ طَوعُ يَمِينِي
ومَنْ ابْتَغَى مَوتًا فَهَا عِنْدِي لَهُ ... مَوتُ بِلاَ غُسْلٍ ولا تكْفِينِ!!
يا فَارِسَ الوَادِي وقَائِدَ سِجْنِهِ ... أَبَنُو الكِنَانَةِ أَمْ بَنُو صِهْيُونِ؟!
هَلاَّ ذَهَبْتَ إِلىَ الحُدُودِ حَميتَهَا ... وأَرَيتَنَا أفْكَارَ نَابِلْيَونِ؟!
اذْهَبْ لِغَزَّةَ يا هُمَامُ وأَنْسِنَا ... بِجِهَادِكَ الدَّامِي صَلاَحَ الدِينِ!!
أَفَضِدُّنَا كَبْشُ النِّطَاحِ .. ونَعْجَةً ... في الحَرْبِ جَمَّاءٌ بِغَيرِ قُرُونِ؟!
* * *
قُلْ لِلِّذي جَعَلَ الكِنَانَةَ كُلَّهَا ... سِجْنًا وَبَاتَ الشِّعْبُ شَرَّ سَجِينِ
يَا أَيُها المَغْرُورُ في سُلْطَانِهِ ... أَمِنَ النِّضَارِ خُلقْتَ أَمْ مِن طِين؟
يا مَنْ أَسَأْتَ لِكُلِ مَنْ قَدْ أحْسَنُوا ... لَكَ دَائِنِينَ فكَنُتَ شَرْ مُدِينِ
يا ذِئْبَ غَدْرٍ نَصِّبُوهُ رَاعِيًا ... والذِئْبُ لَمْ يَكُ سَاعَةً بِأَمِينَ ...