بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهَ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ، ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَسْتَهْدِيه، ونَتُوبُ إليه، ونَعُوذُ بِهِ مِن شُرورِِ أَنْفُسِنَا وسَيِئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَه، ومَن يُضْلِلْ فلا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ لا إلهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ.
وأشْهدُ أنَّ مُحَمدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه الدَّاعِي إلى التوحيد، الساعيَ بالنًّصْحِ لِلْقرِيبِ والبَعِيد، المُحَذِّرَ لِلْعُصَاةِ مِن نارٍ تَلَظَّى بِدَوَامِ الوَقِيد، المُبَشِّرَ لِلْمؤْمِنِينَ بِدَارٍ لا يَنْفَذُ نَعِيمُهَا ولا يَبِيد، صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ، صَلاَةً لا تَزَالُ عَلَى كَرِّ الجَدِيدَيْنِ في تَجْدِيدٍ، وسَلِّم تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
وَبَعْد .. فَبِمَا أَنِّي رَأيتُ إقْبَالَ كَثِيرٍ من النَّاسِ عَلَى القَصَائِدِ الَّتِي فِي كُتُبِنَا فَعَزَمْتُ عَلَى جَمعِ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا مِمَّا يَحْتوِي عَلَى حِكَمٍ وَأَحْكَامٍ ومَوَاعِظَ وَفَوَائِدَ وَآدَابٍ وَأَخْلاقٍ فَاضِلاتٍ، وَقَصَصٍ فيها عِبَر، وَتَزْهِيدٍ فيما يَفْنَى وتَرغيبٍ فِيمَا يَبْقَى وَتَرْهِيبٍ مِمَّا يَضُرُّ عَاجِلاً وَآجلاً.
وعَزَمْتُ عَلَى طَبْعِهَا وَقَفًا للهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَعَادَتِنَا في كُتْبِنَا، رَاجِيًا مِنَ اللهِ تَعَالَى أنْ تَكونَ سَبَبًا مُبَاركًا لِحَثِ النَّاسِ عَلَى التَّمَسُكِ بِكِتَابِ اللهِ والعَمَلِ بِهِ وَالإكْثَارِ مِنْ تِلاوَتِهِ وتَدَبُّرِهِ وَدَعْوَةِ النَّاسِ إلَيْهِ وَالتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالعَمَلِ بِهَا وَدَعْوَةِ النَّاسِ إلَيْهَا.
وتَصْحِيحِ العَقِيدَةِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ كُلِّ عَمَلٍ وَالتَّذْكِيرِ بِاليَّومِ الآخِر.
والتَحذيرِ من الإنهماكِ في الدنيا والإخلادِ إليها وزينتِهَا والإنغماسِ في شهواتِها وملاذِها والتزودِ في العملِ الصالحِ وصيانةِ الوقتِ .. وسَمَّيتُهَا «مَجْمُوعَةَ القَصائِدِ الزُّهْدِيَّة».