والحوتُ في اللُّجِّ عَلَى بُعْدِه ... مِن مَلْمَسِ الكَفِّ ولَمْحِ البَصَرْ
يُدْلِي لَهُ الصَّيَادُ خِيطَانَهُ ... والطَّعْمُ فيْهَا فَوقَ عُقْفِ الإِبَر
حَتَّى إذَا أوْقَعَهُ جَرَّه ... جَرَّ عَنِيْفٍ جَار لَمَّا قَدَر
والبَعْضُ مِنْهَا آكِلٌ بَعْضَهُ ... فَمَا جَفا يأكُلُ مَا قَدْ صَغُر
مَصَائِبٌ جَلَّتّ وَلكِنَّنِي ... أوْرَدْتُ مِنْهَا نُبذةَ المُخْتَصِر
تَقْدِيرُ مِن لا حُكْمَ إلاَّ لَهُ ... في كُلِّ مَا يأتِي وفيما يَذَرْ
حَذَّرتُكَ الدنيا فلا تَحْتَقِرْ ... نَصِيْحَتي عِنْدَكَ نِصْفُ الخَبرَ
وقال:
ما أبْعَدَ الأشياءَ مما يَسُرّ ... فِعلا وأدْناها إلى ما يَضُرّ
فالخير في النادر إلمامُهُ ... والشرُّ ليلا ونهارًا يَكُر
والداءُ فيما لَذَّ أوْ ما حَلاَ ... والنفعُ في كل كريهٍ ومُر
أوَّلَ مَا تَشْربُ يأتِي القَذى ... فَاكَ وتَبغِي صَرْفهُ لا يَمُر ...
حَتَّى إذَا حَاوَلْتَ إخْراجَه ... بِصَبِّ بَعْضِ الماءِ وَلَّى وفَرّ
كأنه يَقْصِدُ ذَاكَ الذِي ... يَفْعَلُ مُخْتَارًا لِكَيْدٍ وشَرّ
وقال آخر:
يا نَفسُ مَا عيشُك بالدائبِ ... فَقصِّرِي من أملٍ خَائبِ
وَيْكِ أمَا يكفيك أن تُبصِري ... جَنَائزا تَنُقل بالراتب
بالطفلِ والبالغِ والمُتبدِي ... شبابَه والكَهْلِ والشائب
من والدٍ أو ولد أو أخٍ ... أو من غريبٍ عنكِ أو صاحِب
فهل تَبَقَّى لك من حُجّةٍ ... إلا غرور الأمل الكاذب
أمَا عجيبٌ أنّ ذا كلَّه ... موفر في شره الكاسب