فَمَا وَجْهُ هَذَا مِن كِتَابٍ وسُنةٍ ... أِجِيْبُوْا عَلى هذا السُؤالِ وأَفْهِمُوا
وقال آخر: يَذُمُّ الدُنْيَا
أُفٍّ لَهَا دُنْيَا فلا تَسْتَقِرَّ ... وعَيشُها بالطَّبْعِ مُرٌّ كَدِرْ
جَمِيلةُ المَنْظِرِ لَكِنَّها ... أقْبَحُ شَيءٍ عِنْدَ مَنْ يَخْتَبِرْ
قَدْ وَحِلَ العَالِمُ في سِجْنَها ... فَكُلُ جِنْسٍ تَحْتَ بُؤسِ وضُرّ
فَقِيْرُهَا يَطْلُبُ نَيلَ الغِنَى ... وذُو الغِنَى يَجمعُ كَيْ يَدَّخِرْ
فَذَاكَ لِلإِمْلاقِ فِي حَسْرةٍ ... وذَاكَ خَوفَ الفقرِ تَحْتَ الْحَذَرْ ...
والزاهُد العابدُ في كُلْفةٍ ... مِن شَعَثِ الصَّوم وطُولِ السَّهَرْ
وخوفِ مَا يَلْقاهُ مِن رَبِهِ ... في آخِرِ الأمْرِ إذَا مَا حُشِرْ
وهَمُّهُ في القُوتِ مِن حِلِّهِ ... صَعْبٌ شَدِيدٌ مُسْتَحِيلٌ عَسِرْ
والفاسِقُ المُذْنِبُ في وَصْمَةٍ ... مُسَفَّهُ الرَّأْيِ قَبِيْحُ الأثَرْ
لَيْسَ بِمأْمُونٍ وَلاَ آمنِ ... مُذَمَّمٍ في قَوْمِهِ مُحْتَقَرْ
مُنْخَفِضُ الرُتْبِة بَيْنَ الوَرَى ... يَفْتَخِرُ النَّاسُ ولا يَفْتَخِرْ
والحُوْتُ والطَّيْر ووَحْشُ الفَلاَ ... في كُلَفٍ مِن ورْدها والصَّدَرْ
فالوَحْشُ لا يأمَنُ مِن قَانِصٍ ... أَوْ حَابِلٍ أَوْ أسَدٍ مُحْتَضِرْ
أوْ جَارِحٍ يُدِرِكُهَا بَغْتةً ... في الجَوِ لا يضرِبُ إلاَّ كَسَرْ
والطيرُ في الأقْفاصِ سَجْنًا لَهَا ... تَنوحُ فيه نَوْحَ صَبٍّ أُسِرْ
والمَلِكُ الأعْظَمُ في خُطَّةٍ ... مِن شِدَّةِ الأمْرِ وطُوْلِ السَّهَرْ
وخوفِهِ مِن مَلِكٍ غَادِرٍ ... إذَا رَأىَ الفُرْصَةَ فيه غَدَرْ
إمَّا بسُمٍّ أوْ سِلاحٍ، فلا ... يأمَنُ حَالَيْ سَفَرٍ أوْ حَضَر
يَستشعِر الخِيْفةَ مِن مَلْبسٍ ... أوْ مَطْعَمٍ أوْ مَشْرَبٍ أوْ خَضِرْ
فالنَّاسُ في أمْنِ بِهِ، وهْوَ فِي ... تَوَهُّمِ الخوفِ فَلاَ يَنْحَصِرْ