قال ابن القيم رحمه الله:
«فصل في بيَان توحيد الأنبياء والمرسلين
ومُخَالَفَتِهِ لتوحيد الملاحدة والمُعَطِّلِين»
فاسْمَعْ إذن تَوحِيدَ رُسْل الله ثم ... اجْعَلْهُ داخلَ كِفَّةِ المِيزَانِ
مَعَ هَذِه الأنْواعِ وانْظُرْ أيَّها ... أولىَ لَدَى المِيزَانِ بالرُجحانِ
توحِيدُهُم نَوعَان قَولِي وفِعْـ ... ـليٌ كِلا نَوَعَيهِ ذُو بُرهَانِ
فالأوَلُ القَولِيُّ ذُو نَوعَين أيضـ ... ـًا في كِتابِ الله مَوجُودَانِ
إحْدَاهُمَا سَلْبٌ وذَا نَوعَانِ ... أيضًا فِيه مذْكُورَانِ
سَلْبُ النَّقَائِصِ والعُيُوبِ جَمِيعِها ... عَنْهُ هُما نوعانِ مَعْقُولانِ
سَلْبُ لِمُتِّصَّلٍ ومُنْفَصِلٍ هُمَا ... نَوعانِ مَعْرُوفانِ أمَّا الثانِي
سَلْبُ الشرِيكِ مَعَ الظِهير مَعَ ... الشفيعِ بدُونِ إذْنِ المالِكِ الدَّيانِ
وكذاك سَلْبُ الزوجِ والولد الذِي ... نَسَبُوا إليهِ عابِدُو الصُلْبَانِ
وكذاكَ نَفْيُ الكُفْءِ أيضًا ... والوَلِي لنا سِوَى الرحمن ذِي الغُفْرِانِ
والأَولُ التنزيهُ لِلرِحْمنِ عن ... وَصْفِ العُيُوبِ وكلِّ ذِي نُقْصَانِ
كالموتِ والإِعياءِ والتَّعَبِ الذِي ... يَنْفي اقْتدُارَ الخَالِقِ المَنَّانِ
والنومِ والسنة التي هِيَ أصْلهُ ... وعُزَوبِ شيءٍ عنه في الأكْوَانِ
وكَذلِكَ العَبَثُ الذي تَنْفِيهِ ... حِكْمَتُهُ وَحَمْدُ اللهِ ذِي الإتْقَانِ
وكَذَاكَ تَرْكُ الخَلْقِ إهْمَالاً سُدى ... لا يُبْعَثُونَ إلىَ مَعَادٍ ثانِ
كَلاَّ ولا أمْرٌ ولا نَهْيٌ ... عَليهم مِن إله قادِرٍ دَيَّانِ
وكَذَاكَ ظُلْمُ عِبَادَةِ وهُوَ ... الغَنِيُّ فَمَا لَهُ والظُلْمُ للإِنْسَانِ
وكَذاكَ غَفْلَتُهُ تَعَالى وهَو عَلاَّ ... مُ الغُيوبِ فظاهِرُ البطلانِ
وكَذَلِكَ النِسيَانُ جَلَّ إلهُنَا ... لا يَعْتَرِيهِ قَطُ مِن نِسْيَانِ