أَأَقْصُدُ بالمَلاَمَةِ قَصْدَ غَيري ... وَأمْري كُلُّه بَادِي الخِلاَفِ
وَلَمْ لا أَبْذُلُ الإِنْصَافَ مِنِّي ... وَأبْلُغُ طَاقَتِي في الاِنتِصَافِ
لِيَ الوَيلاتُ إنْ نَفَعَتْ عِظَاتي ... سِوَايَ وليسَ لِي إلاّ القَوَافِي
أَلاَ إنَّ السِّباقَ سِبَاقُ زُهْدٍ ... ومَا فِي غَيرِ ذلِكَ مِنْ سِبَاقِ
ويَفْنَى مَا حَواهُ المُلْكُ أَصْلاً ... وَفِعْلُ الخَيرِ عِنْدَ اللهِ بَاقِ
سَتَأْلَفُكَ النَّدامَةً عَنْ قَرِيبٍ ... وتَشْهَقُ حَسْرةً يَومَ المَسَاقِ
أَتَدْري أَيَّ ذَاكَ اليَومِ فَكِّرْ ... وأيقِنْ أنَّهُ يَومُ الفِرَاقِ
فِرَاقٌ لَيسَ يُشْبِهُهُ فِرَاقٌ ... قَد انْقَطَعَ الرَّجاءُ عنِ التَّلاقيِ
عَجِبْتُ لِذِي التَّجَارِبِ كَيفَ يَسْهُو ... وَيَتْلُو اللَّهْوَ بَعْدَ الاحْتِباكِ
ومُرْتَهَنُ الفَضَائِحِ والخَطَايَا ... يُقَصِّرُ باجْتهادٍ لِلْفَكَاكِ
وَمُوبقُ نَفْسِهِ كَسَلاً وجَهْلاً ... وَمُوردُها مَخُوفَاتِ الهَلاكِ
بتَجْدِيدِ المَآثِمِ كُلَّ يَومٍ ... وقَصْدٍ لِلْمُحرَّمِ بانْتِهاكِ
سَيَعْلَمُ حَينَ تَفْجَؤُهُ المَنَايَا ... ويَكْثُفُ حَولَهُ جَمْعُ البَواكِي
فإنّ سُدُورَهُ أَمْسَى غُرُورًا ... وحَلَّ بِهِ مُلِمَّاتُ الزَّوَالِ
وَعُريَ عَنْ ثِيَابٍ كَانَ فِيهَا ... وأُلْبِسَ بَعْدُ أْثْوَابَ انتِقَالِ
وبَعْدَ رُكُوبِهِ الأفْرَاسَ تِيهًا ... يُهَادَى بَينَ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ ...
إلىَ قَبْرٍ يُغَادَرُ فِيهِ فَرْدًا ... نأَى مِنْهُ الأَقاربُ والمَوَالِي
تَخَلَّى عَنْ مُوَرِّثِهِ وَوَلَّى ... وَلَمْ تَحْجُبهْ مَأثُرَةُ المَعَالِي
ولَمْ يَمْرُرْ بهِ يَومٌ فَظِيعٌ ... أَشَدَّ علَيهِ مِنْ يَومِ الحِمَامِ
ويَومُ الحَشْرِ أفْظَعُ منهُ هَولاً ... إذا وَقَفَ الخَلائِقُ بالمَقَامِ