ومَثَّلَ لها بعض فقهاء الشافعية برجل صلى في ثوب لا يستر تمام عورته الواجبة، فإنه حينئذ يلزمه أن يجلس ويصلي جالسا، فالصلاة جالسا مع القدرة محظور، فارتكب الأدنى ليتقي الأعلى من المحظورين.
الثالثة: اجتماع حسنة وسيئة، قال شيخ الإسلام في: "المجموع": (يُنْظَر في الراجح منهما فيُعمل به، فقد تترجَّح الحسنة على السيئة فتُعمل، وهذا كله إذا كان يلزم من فعل الحسنة الوقوع في السيئة، أو يلزم من ترك السيئة ترك الحسنة) .
ومثال ذلك: ما وقعت فيه أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجرت هجرة الإسلام من غير محرم، فسفرها من غير محرم سيئة ومحظور، والهجرة واجبة وهي حسنة، فتَرَجَّح فعل الحسنة على السيئة من البقاء في دار الحرب، فشرع لها الشارع الهجرة.
وكذلك من الأمثلة: ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من قذف المنجنيق على أهل الطائف مع كونه يقع على غير المُقَاتِل ممن يحرم قتلهم كالنساء والصبية، فإبعاد الأذى عن المسلمين وطرده وإزهاق دولة الكفر حسنة مطلوبة واجبة, وقتل غير المُقاتِل من النساء والصبية سيئة حرَّمها الشارع, فترجَّحت الحسنة على سيئة قتل غير المقاتل, ففعلها الشارع.
ومن هنا يتبيَّن أن تلازم الأحكام وتزاحمها يحتاج إلى أمرين