الحسن".
ومن ثم يتبين أن الناظم -رحمه الله تعالى- ذكر بهذا البيت القاعدة الكبرى التي يدور عليها الدين، وهي مُقَرَّرَة باستقراء أدلة الشرع كتابا وسنة، كما قال الشاطبي في ثاني مجلدات: "الموافقات"، وهي على الترتيب السابق في التقديم والأولوية، فيُرَاعَى أول ما يُرَاعَى: الحفاظ على الدين من مبطلاته ونواقضه، فلو اجتمع الحفاظ على الدين مع الحفاظ على غيره من بواقي الكليات الخمس فَيُقَدَّم الحفاظ على الدين، وهكذا قل في ترتيب الكليات الخمس على ما سبق من كون الدين أولها، والنفس ثانيها، والعقل ثالثها، والنسل رابعها، والمال خامسها.
قوله: [فإن تزاحم عدد المصالح..الخ] :
التزاحم من حيث هو يأتي على صور ثلاث:
الأولى: تزاحم حسنة مع حسنة، فيُقدَّم الأعلى من الحسنتين، ومثاله: اجتماع واجب ومستحب، كدَيْن مطلوب في الذمة، ونفقة مستحبة كالصدقة، فالمُقَدَّم قضاء الدين لأنه واجب.
الثانية: اجتماع سيئة وسيئة، كمحرَّم وآخر أخف منه، أو محظور ومكروه، ومثاله: ما يقع الإنسان فيه بين شيئين من المحاذير المعروفة، فإنه يرتكب الأدنى ليتقي به الأعلى، وهو ما أشار إليه الناظم بقوله: (يُرْتَكَبُ الأدنى من المفاسد) .