وأنها لو غرقت في وقت زرعها فلم يمكنه الزراعة لم تلزمه الأجرة لتعذر التسليم وكذلك ذكر صاحب التفريع مذهب مالك في الصورتين، فالقاضي يفرق بين الصورتين كالنصين المفترقين: يفرق بين انقطاع الماء وبين حدوث الغرق وغيره من الآفات، بأن انقطاع الماء المعتاد بمنزلة عدم التسليم المستحق كموت الدابة والأجرة إنما تستحق بدوام التسليم المستحق، وأما الغرق وغيره من الآفات التي تفسد الزرع فهو إتلاف لعين ملك المستأجر فهو كما لو تلف بعد الحصاد.

وسوى طائفة من أصحابنا - كالشيخ أبي محمد - في الإجارة بين انقطاع الماء وحدوث الغرق الذي يمنع الزرع أو يضر الزرع، إن ذلك إن عطل المنفعة أسقط الأجرة وإن أمكن الانتفاع معه على تعب من القصور، مثل أن يكون الغرق يمنع بعض الزراعة أو يسوء الزرع ثبت به الفسخ، وإن كان ذلك لا يضر كغرق بماء ينحسر في قرب من الزمان لا يمنع الزرع ولا يضره وانقطاع الماء عنها إذا ساق المؤجر إليها الماء من مكان آخر أو كان انقطاعه في زمن لا يحتاج إليه فيه لم يكن له الفسخ.

وعلى هذه الطريقة ينقل جواب أحمد من مسئلة انقطاع الماء إلى مسألة غرق الزرع، ومن مسئلة غرق الزرع إلى مسئلة انقطاع الماء، لأن المعنى في الجميع واحد، وذلك أن غرق الزرع الحادث قبل الزرع إذا منع من الزرع فالحادث بعده يمنع من نبات الزرع، كما أن انقطاع الماء يمنع من نبات الزرع، والمعقود عليه المقصود بالعقد هو التمكن من الانتفاع إلى حين الحصاد ليس إلقاء البذر هو جميع المعقود عليه ولو كان ذلك وحده هو المعقود عليه لوجب إذا انقطع الماء بعد ذلك أن لا يملك الفسخ ولا يسقط شيء من الأجرة ولم يقولوا به ولا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015