بمقدار مدة انتفاعه. وإذا بقي من المنفعة ما ليس هو المقصود بالعقد، مثل أن ينقطع الماء عن الأرض المستأجرة للزرع ويمكن الانتفاع بها بوضع حطب ونصب خيمة، وكذلك الدار المتهدمة يمكن نصب خيمة فيها، والأرض التي غرقت يمكن صيد السمك منها، فهل تبطل الإجارة هنا أو يكون هذا كالنقص الذي يملك به الفسخ؟ على وجهين (أحدهما) تبطل، وهو قول أكثر العلماء، كأبي حنيفة ومالك والشافعي في صورة الهدم، لأن هذه المنفعة لما لم تكن هي المقصودة بالعقد كان وجودها وعدمها سواء (والثاني) يملك الفسخ، وهو نص الشافعي في صورة انقطاع الماء. وقد اختاره القاضي وابن عقيل في بعض المواضع. والأول اختاره غيرهما من الأصحاب.
فصل
إذا تبين هذا فإذا استأجر أرضاً للزرع فقد ينقطع الماء عنها أو تغرق قبل الزرع، وقد ينقطع الماء عنها أو تغرق أو يصيب الزرع آفة بعد زرعها وقبل وقت الحصاد، فما الحكم في هذه المسائل؟ المنصوص عن أحمد والأصحاب وغيرهم في انقطاع الماء - أن انقطاعه بعد الزرع كانقطاعه قبله، إن حصل معه بعض المنفعة وجب من الأجرة بقسط ذلك وإن تعطلت المنفعة كلها فلا أجرة قال أحمد بن القاسم: سألت أبا عبد الله: عن رجل اكترى أرضاً يزرعها وانقطع الماء عنها قبل تمام الوقت؟ قال: يحط عنه من الأجرة بقدر ما لم ينتفع بها أو بقدر انقطاع الماء عنها.
فصرح بأن انقطاع الماء بعد الزرع يوجب أن يحط عنه من الأجرة بقدر ما نقص من المنفعة، وعلى هذا أصحابنا من غير خلاف أعلمه.
وذكر القاضي وغيره أنه إذا اكترى أرضاً للزرع فزرعها ثم أصابها غرق أو آفة غير الشرب فلم ينبت لزمه الكراء وذكر أن أحمد نص (?) على ذلك