وقد يقال: هو قياس قول من يقول بعدم وضع الجوائح، لكن يقولون: المعقود عليه هنا المنافع وهي معدومة لم تقبض، وإنما قبضها باستيفائها أو التمكن من استيفائها، وإنما جعل قبض العين قبضاً لها في انتقال الملك والاستحقاق، وجواز التصرف. فإذا تلفت العين فقد تلفت قبل التمكن من استيفاء المنفعة فتبطل الإجارة.

وهذا يلزمهم مثله في الثمرة باعتبار ما لم يوجد من أجزائها. والأصول في الثمرة كالعين في المنفعة وعدم التمكن من استيفاء المقصود بالعقد موجود في الموضعين. فأبو ثور طرد القياس الفاسد كما كرد الجمهور القياس الصحيح في وضع الجوائح وإبطال الإجارة.

وإن تلفت العين في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقى من المدة دون ما مضى. وفي انفساخها في الماضي خلاف شاذ، وتعطل بعض الأعيان المستأجرة يسقط نصيبه من الأجرة كتلف بعض الأعيان المبيعة، مثل موت بعض الدواب المستأجرة وانهدام بعض الدور.

وتعطل المنفعة يكون بوجهين (أحدهما) تلف العين كموت العبد والدابة المستأجرة (والثاني) زوال نفعها بأن يحدث عليها ما يمنع كدار انهدمت وأرض للزرع غرقت أو انقطع ماؤها، فهذه إذا لم يبق فيها نفع فهي كالتالفة سواء لا فرق بينهما عند أحد من العلماء، وإن زال بعض نفعها المقصود وبقي بعضه مثل أن يمكنه زرع الأرض بغير ماء ويكون زرعاً ناقصاً وكان الماء ينحسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمنع بعض الزراعة أو نشوء الزرع، ملك فسخ الإجارة فإن ذلك كالعيب في البيع - ولم تبطل به الإجارة. وفي إمساكه بالأرش قولان في المذهب. وإن تعطل نفعها بعض المدة لزمه من الأجرة بقدر ما انتفع به كما قال الخرقي.

فإن جاء أمر غالب يحجر المستأجر عن منفعة ما وقع عليه العقد لزمه من الأجرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015