الخلاف في جواز إتمام الرباعية في السفر
وقد تنازع الناس في الأربع في السفر على أقوال: أحدها: أن ذلك بمنزلة صلاة الصبح أربعاً وهذا مذهب طائفة من السلف والخلف وهو مذهب أبي حنيفة وابن حزم وغيره من أهل الظاهر، ثم عند أبي حنيفة إذا جلس مقدار التشهد تمت صلاته والمفعول بعد ذلك كصلاة منفصلة قد تطوع بها، وإن لم يقعد مقدار التشهد بطلت صلاته، ومذهب ابن حزم وغيره أن صلاته باطلة كما لو صلى عندهم الفجر أربعاً.
وقد روى سعيد في سننه عن الضحاك بن مزاحم قال: قال ابن عباس من صلى في السفر أربعاً كمن صلى في الحضر ركعتين.
قال ابن حزم وروينا عن عمر بن عبد العزيز وقد ذكر الإتمام في السفر لمن شاء فقال: لا، الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصح غيرهما، وحجة هؤلاء أنه قد ثبت أن الله إنما فرض في السفر ركعتين والزيادة على ذلك لم يأت بها كتاب ولا سنة، وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه صلى أربعاً أو أقر من صلى أربعاً فإنه كذب.
وأما فعل عثمان وعائشة فتأويل منهما أن القصر إنما يكون في بعض الأسفار دون بعض كما تأول غيرهما أنه لا يكون إلا في حج أو عمرة أو جهاد ثم قد خالفهما أئمة الصحابة وأنكروا ذلك. قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " فأمر بقبولها والأمر يقتضي الوجوب، ومن قال يجوز الأمران فعمدتهم قوله تعالى: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة