وأما ما اعتذر به الطحاوي من أن مكة كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أعمر من منى في زمن عثمان فجواب عثمان له أن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية ثم في غزوة الفتح ثم في عمرة الجعرانة كان خائفاً من العدو وعثمان يجوز القصر لمن كان خائفاً وإن كان نازلاً في مكان فيه الزاد والمزاد فإنه يجوزه للمسافر ولمن كان بحضرة العدو، وإما حجة الوداع فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم آمناً لكنه لم يكن نازلاً بمكة وإنما كان نازلاً بالأبطح خارج مكة هو وأصحابه فلم يكونوا نازلين بدار إقامة ولا بمكان فيه الزاد والمزاد. وقد قال أسامة: أين ننزل غداً؟ هل ننزل بدارك بمكة؟ فقال: " وهل ترك لنا عقيل من دار ننزل بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وهذا المنزل بالأبطح بين المقابر ومنى.
وكذلك عائشة رضي الله عنها أخبرت عن نفسها أنها إنما تتم لأن القصر لأجل المشقة وأن الإتمام لا يشق عليها، والسلف والخلف تنازعوا في سفر القصر في جنسه وفي قدره فكان قول عثمان وعائشة أحد أقوالهم فيها، وللناس في جنس سفر القصر أقوال أخر مع أن عثمان قد خالفه علي وابن مسعود وعرمان بن الحصين وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن عباس وغيرهم من علماء الصحابة فروى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: اعتل عثمان وهو بمنى فأتى علي فقيل له: صل بالناس فقال: إن شئتم صليت بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، قاولوا: لا إلا صلاة أمير المؤمنين يعنون أربعاً، فأبى. وفي الصحيحين عن ابن مسعود (?) .