آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} 1.

وقد اختلف العلماء هل يكون هذا الخلع طلاقا يعد من الطلقات الثلاث، أم لا يكون طلاقا، ولو خالعها أكثر من ثلاث؟ فمذهب ابن عباس رضي الله عنهكما روى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهأن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن رجل طلق امرأته تطليقتين، ثم اختلعت منه، أيتزوجها؟ قال: نعم، ليس الخلع بطلاق، ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع فيما بين ذلك، فليس الخلع بشيء، ثم قرأ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 2 وقرأ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 3 وبهذا قال أحمد بن حنبل وجمهور أصحابه، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، واختار هذا القول طوائف من العلماء منهم الشيخ تقي الدين بن تيمية، وهو اختيار شيخنا -رحمه الله-.

وقال أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم: هو طلاق يعد من الطلقات الثلاث، وهو طلاق بائن لا رجعة فيه للزوج إلا برضى الزوجة، فعلى هذا القول: لو خالعها ثلاث مرات، أو طلقها طلقتين وخالعها مرة، حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، سواء تلفظ بلفظ الطلاق، أو غيره.

واختلف العلماء هل يلحق المختلعة طلاق ما دامت في العدة؟ فقال مالك: إن طلقها بعد الخلع من غير سكوت طلقت، وإن كان بينهما سكوت لم تطلق، وقال الشافعي: لا يلحقها طلاق، وإن كانت في العدة، وهو قول ابن عباس، وابن الزبير، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وهذا هو المفتى به عندنا، وهو أظهر الأقوال، وعكسه قول أبي حنيفة، وكثير من التابعين.

واختلف -أيضا - في قدر عدتها؛ فقال أكثر العلماء: عدة المطلقة، وقال عثمان، وابن عباس -رضي الله عنهم-: عدتها حيضة واحدة. وبه قال عكرمة، وابن عباس،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015