وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن المغفل، وأبو هريرة، وعائشة، وأنس، وهو قول جماعة من التابعين، وبه قال جماعة فقهاء الأمصار، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، ومالك، وأبو حنيفة، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد الطبري. انتهى.
إذا عرفت مذهب أهل العلم في المسألة، فالقول المفتى به عندنا ما ذكره ابن عبد البر، وغيره عن جماعة العلماء: أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة، سواء كان مدخولا بها، أو غير مدخول بها، صغيرة أو كبيرة، أنها تحرم عليه، حتى تنكح زوجا غيره.
تعدد لفظ الطلاق وتكراره ثلاثا
"وأما المسألة الثانية": إذا قال لامرأته أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق ثلاث كلمات مكررات، فالصحيح من مذهب أحمد: أن ذلك يرجع إلى نيته؛ فإن أراد التأكيد بطلقة واحدة، ولم يرد أنها ثلاث طلقات فهي تصير واحدة، يجوز له رجعتها، ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة لم يجز له مراجعتها إلا بملاك جديد، وإن أريد بقوله: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق ثلاث تطليقات لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وهذا هو المفتى به عندنا؛ لأنا لا نعلم شيئا يخالفه من الكتاب والسنة.
الخلاف في كون الخلع طلاقا وعده من الثلاث
وأما المسألة الثالثة: إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا على عوض، هل يجوز أن يتراجعا بملاك جديد، أم لا؟.
فهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل: فإن كانت المرأة أعطت زوجها عوضا على طلاقها إذا كرهته، وخافت أن لا تقيم ما أوجب الله عليها من القيام بحقوق الزوج من المعاشرة بالمعروف، وتمكنه من الاستمتاع منها، وخدمته كما ينبغي من مثلها لمثله، فلا بأس بذلك، ولا على الزوج حرج في أخذ العوض منها، إذا كان الحال كما وصفنا-، ويسمى هذا: الخلع الصحيح، كما قال تعالى-: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا