وإسحاق بن راهويه، وحجتهم: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل عدة جميلة بنت أبي سلول حيضة، حين اختلعت من زوجها ثابت بن قيس بن شماس، وأصل القصة ثابت في الصحيحين.
فالذين قالوا: إن الخلع الصحيح المجتمع فيه الشروط التي ذكرها الله ليس من الطلاق، يقولون: إنه إذا خالعها، ولم يذكر الطلاق لفظا ولا نواه بقلبه فإنه لا يقع به شيء من الطلاق.
قال العسقلاني، واستدل لمن قال: إنه فسخ بما وقع في بعض طرق حديث امرأة ثابت بن قيس عند أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الربيع بنت معوذ: أن عثمان أمرها أن تعتد بحيضة. قالت: وتبع عثمان في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة ثابت بن قيس. قال الخطابي: في هذا أقوى دليل لمن قال: إن الخلع فسخ، وليس بطلاق، إذ لو كان طلاقا لم تعتد بحيضة. انتهى.
وأما إذا تلفظ بالطلاق عند الخلع، أو نواه بقلبه، فالذي عليه الجمهور من التابعين، وفقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والشام أنه يقع طلاقا بائنا، لا يجوز له الرجعة إلا بعد عقد جديد، ورضاء الزوجة، إلا أن تقول: أنت طالق ثلاثا، فلا يجوز له مراجعتها إلا بعد زوج جديد كالمطلقة ثلاثا بغير عوض.
وقيل: إنه فسخ سواء تلفظ بالطلاق أو نواه، أو لم يكن، وهو قول ابن عباس؛ فإنه صح عنه أنه قال: ما أجازه المال فليس بطلاق، وصح عنه أنه قال: الخلع يفرق وليس بطلاق. وصح عن ابن الزبير، وروي ذلك عن غير واحد من الصحابة والتابعين، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وعليه دل كلام أحمد، وقدماء أصحابه، قال صاحب الفروع: ومراده ما قال عبد الله بن الإمام أحمد: رأيت أبي كان يذهب إلى قول ابن عباس.
وأما إذا كان حال الزوجين مستقيمة، ولم يوجد ما ذكر الله من الخوف ألا