الكلام في ذلك بالبدع التي لا تعرف. وقد ذم الله هذا الصنف في كتابه، ووصفهم بالخوض بما لم يأتهم عنه، ولا عن رسله. وذكر الله عن أهل النار أنهم قالوا لما قيل لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} 1، فوصفهم بالعتو عن طاعته، وعدم الانقياد لعبادته بقوله: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} 2، ووصفهم بعدم الإحسان والمعروف بقوله: {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} 3، ووصفهم بالخوض في شأن دينهم وما جاءت به رسلهم، وعدم وقوفهم مع ما أمروا به، وتعديهم إلى ما يرونه ويهوونه بقوله: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} 4، وهذا حال أهل البدع والضلالات، الذين لم يؤسسوا دينهم على ما جاءت به الرسل. إذا عرفت ذلك، فلفظ المكان لم يرد نفيا ولا إثباتا، وقد يراد به معنى صحيح كالعلو والاستواء، والظهور قد يراد به غير ذلك من الأماكن المحصورة. فالواجب ترك المشتبه، والوقوف مع نصوص الكتاب والسنة. فيقال لهذا الجهمي: نحن لا نقر لله من الصفات إلا ما نطق به الكتاب العزيز، وصحت به السنة النبوية، ولا يلزم من أثبت ذلك شيء من البدعيات والأوضاع المختلفة.

[تفسير قوله تعالى: {فثم وجه الله} ]

وأما قوله: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 5 فسياق الآية الكريمة يدل على أنها في شأن القبلة، قال ابن عباس: خرج نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قبل تحويل القبلة، فأصابهم الضباب، وحضرت الصلاة، وصلّوا وتحرّوا القبلة، فلما ذهب الضباب استبان لهم أنهم لم يصيبوا، فلما قدموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت هذه الآية. وقال ابن عمر: نزلت في المسافر يصلي التطوع حيثما توجهت به راحلته. وقال عكرمة: نزلت في تحويل القبلة. وقال أبو العالية: عيرت اليهود المؤمنين لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015