باختلاف حال الموصوف، وما يليق له من الصفات، وأصل ضلال هذه الطائفة أنهم فهموا من صفات الله الواردة في الكتاب والسنة ما يليق بالمخلوق ويختص به، فلذلك أخذوا في الإلحاد والتعطيل، شبهوا أولا وعطلوا ثانيا.
(الوجه الرابع:) أن هذا التمثيل الذي أبداه السائل قد نص القرآن على إبطاله، قال -تعالى-: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1؛ وأصل الشرك: تشبيه المخلوق بالخالق.
[السؤال عن مكان الله تعالى]
(فصل) : قال الجهمي في ورقته: وإذا قررت لله مكانا معينا فما معنى قوله -تعالى-: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 2، وقال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} 3، وقال: {قَرِيبٍ} إنه وقال صلى الله عليه وسلم: " حيثما كنتم فإنه معكم ". فإذا قلت: هذه الآيات مؤولة، وأقررت بالتأويل، فالآية الأولى أولى به، لأنها بلا تأويل تخالف الإجماع، وتعارض الآيات والأحاديث، أما الآيات الأخيرة فقد قيل في الأولى: إنها من المتشابهات لأن الاستواء معلوم، والكيف مجهول، وما نفي الاستواء عن غير العرش. هذا كلامه بحروفه نقلناه على ما فيه من التحريف واللحن، ليعتبر الناظر، ويعرف المؤمن المثبت حال هؤلاء الجهال الضلال الحيارى. أما قوله: "فإذا قررت لله مكانا معينا". فاعلم أن أهل السنة والجماعة ورثة الرسل، وأعلام الهدى لا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله من غير زيادة ولا نقص، ينتهون حيث انتهى بهم تعظيما للموصوف، وخشية وهيبة وإجلالا.
[مذهب أهل البدع في صفات الله تعالى]
وأما أهل البدع فيخوضون في ذلك، ويصفونه بما لم يصف به نفسه، ويلحدون فيما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، ولا يتحاشون من