خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 1،ونحو ذلك. والسائل حصرها يظنها منحصرة في الحروف، وهذا من جهله، ثم يسأل هنا عن أقسام الحصر، كم هي؟ وما الفرق بين حصر الأفراد وحصر القلب؟ والحصر الادعائي ومقابله، ويسأل هل دلالة الحصر نصية أو ظاهرية؟ وهل هي لفظية أو عقلية؟ وما أظنه يحسن شيئا من ذلك، وإذا أخبر -تعالى- أنه استوى على العرش فلا يقال: يجوز أنه استوى على غيره، لوجوه منها: أنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، والتجاسر على مقام الربوبية بوصفه بما لم يصف به نفسه وزيادة نعت لم يعرف عنه، ولا عن رسله، قول على الله بغير علم، وهو فوق الشرك في عظم الذنب والإثم2؛ وأكذب الخلق من كذب على الله. قال الله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 3 إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} 4. (الوجه الثاني) : أن الله –سبحانه- يستحق من الصفات أعلاها وأجلها وأشرفها، والعرش أعظم المخلوقات، وهو سقفها الأعلى، وقد وصفه الله -تعالى- بالعظم، فقال: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 5، وقال: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} 6، ووصفه بالسعة فقال: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} 7. فكيف يوصف بالاستواء على ما دونه، وقد تمدح وأثنى على نفسه باستوائه عليه، ووصفه بما لم يصف به غيره من مخلوقاته. (الوجه الثالث) : أن تمثيله بقول القائل: زيد استوى على الدار، وأن ذلك لا يعلم منه أنه لا يستوي على غيرها، فهذا جهل عظيم؛ والكلام يختلف