ويخاف عليه من النّفاق فلو هجر هذا القائل كان هجره عندي مناسبًا بشرط أن يكون في هجره مصلحة.
قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: إنّما هجر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الثّلاثة لأنّه اتّهمهم بالنّفاق فكذا كلّ من خفنا عليه اهـ.
وأمّا إطلاق الكفر والنّفاق بمجرّد كلامه ذلك فلا أتجاسر عليه؛ لأنّ كلامه ليس بصريح بسب الدّين ولا الاستهزاء به ولا بِمَن قام به، قال بعض العلماء في قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الأنصار: "لا يحبهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق"، قال: فمن أبغض من قام بنصرة دين الله أو سنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- استحقّ هذا الوصف، وأمّا من يبغض بعضًا دون بعض فقد يكون ذلك لسبب غير الدّين.
قال شيخ الإسلام: اختلف العلماء فيمن يسبّ الصّحابة على قولين: قيل بكفرهم وقيل بفسقهم. توقف أحمد في كفره وقتله، وقال: يعاقب ويجلّد ويحبس حتّى يموت أو يرجع عن ذلك. قال: وهذا هو المشهور من مذهب مالك اهـ. هذا كلامهم في الّذي يسبّ أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الّذين أثنى الله عليهم ورضي عنهم فغيرهم دونهم، ولم يقل أحد من العلماء -رحمهم الله- بكفر من سبّ غيرهم ولا قتله، ولهذا قال الأصحاب من سبّ إمامًا عدلًا أو عدلًا غيره عزر فبذلك يظهر الجواب عن السؤال والله أعلم.
{تمّ القسم الثّالث}
(من الجزء الأوّل من مجموعة الرّسائل والمسائل النّجديّة)
(وبتمامه يتمّ الجزء الأوّل والحمد لله في البدء والختام)