وتفسير هذا الكلام: أن الله -عز وجل- له عناية بمن يحبه من عباده، فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى النجاة، ويسّر له أسباب التوبة، ينبهه على قبح الزلة، فيفزع إلى الاعتذار، ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.
في بعض الآثار يقول الله عز وجل "أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب، لأطهرهم من المعايب". وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث".
وفي المُسْنَد وصحيح ابن حِبَّان عن عَبْدِ الله بنِ مُغَفَّلٍ: "أن رجلا لقِي امرأة كانت بغيا في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت: مَهْ؛ فإن الله قد أذهب الشرك وجاء بالإسلام. فتركها وولَّى، فجعل يلتفت خلفه وينظر إليها، حتى أصاب وجهه ... 1 فأخبره بالأمر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: أنت عبد أراد الله بك خيرا. ثم قال: إن الله إذا أراد بعبده شرا أمسك عنه بذنبه حتى يوافي يوم القيامة".
يا قوم، قلوبكم على أصل الطهارة، وإنما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب، فرُشُّوا عليها من دموع العيون فقد طهرت، اعزموا على فطام النفوس عن رضاع الهوى؛ فالِحمْيَة رأس الدواء، متى طالبتكم بمألوفاتها فقولوا كما قالت تلك المرأة لذلك الرجل الذي دمي وجهه: "قد أذهب الله الشرك وجاء بالإسلام"، والإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة، ذكروها مدحة {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} 2.
راود رجل امرأة في فَلاة ليلا فأبَتْ، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب. فقالت: فأين مُكَوْكِبُهَا؟