وكذلك ما يقدح في التوحيد وتفرد الله بالنفع والضر، كالطيرة والرقى المكروهة، وإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون.

وكذلك اتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه قادِح في تمام التوحيد وكماله، ولهذا أطلق الشرع على كثير من الذنوب التي مَنْشَؤها من اتباع هوى النفس أنها كفر وشرك كقتال المسلم، ومن أتى حائضا أو امرأة في دُبُرِها، ومن شرب الخمر في المرة الرابعة، وإن كان ذلك لا يخرج من الملة بالكلية، ولهذا قال السلف: "كفر دون كفر، وشرك دون شرك".

وقد ورد إطلاق الإله على الهوى المتبع، قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} 1 قال الحَسَن: "هو الذي لا يهوى شيئا إلا ركبه". وقال قَتَادَة: "هو الذي كلما هوى شيئا ركبه، وكلما اشتهى شيئا أتاه، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى".

ورُوي من حديث أبي أُمَامَةَ مرفوعا بإسناد ضعيف: "ما تحت السماء إله يعبد أعظم عند الله من هوى متبع". وفي حديث آخر: "لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن أصحابها حتى يؤثروا دنياهم على دينهم، فإذا فعلوا ذلك ردت عليهم، وقيل لهم: كذبتم". ويشهد لذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "تَعِسَ عبد الدينار، تَعِسَ عبد الدرهم، تَعِسَ عبد القطيفة، تَعِسَ عبد الخميصة، تَعِسَ وانْتَكَسَ، وإذا شِيكَ فلا انتَقَش"2 فدل هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه، وكان غاية قصده ومطلوبه، ووالى لأجله، وعادى لأجله فهو عبده، وذلك الشيء معبوده وإلهه.

ويدل عليه أيضا أن الله -تعالى- سمَّى طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} 3 وقال -تعالى- حاكيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015