الطبيعية يقاس عليها دعاء الأنبياء والصالحين بمعنى أنهم أسباب ووسائط بينهم وبين الله.
فيقال لهذا الجاهل: ليس الأمر كما زعمت ولا على ما توهمت، فإن هذا القول لا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه؛ لأنه من المعلوم بالضرورة أن من الأسباب أسبابا محرمة لا يجوز لأحد أن يتعاطاها ويجعلها أسبابا إلى ما حرمه الله ورسوله ونحن لا ننازع في إثبات ما أثبته الله من الأسباب والحكم، لكن من هو الذي جعل الاستغاثة بالمخلوق ودعاءه سببا في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله؟.
ومن الذي قال: إنك إذا استغثت بميت أو غائب من البشر نبيا كان أو غيره كان سببا في حصول الرزق والنصر والهدى وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله؟ ومن الذي شرع ذلك وأمر به؟ ومن الذي فعل ذلك من الأنبياء والصحابة والتابعين لهم بإحسان؟.
فإن هذا المقام يحتاج إلى مقدمة وهي أن الأسباب المشروعة لا يحرم فعلها، فإنه ليس كل ما كان سببا كونيا يجوز تعاطيه، فإن المسافر قد يكون سفره سببا لأخذ مال وكلاهما محرم.
والدخول في دين من الأديان غير الإسلام قد يكون سببا لمال يعطونه وهو محرم، وشهادة الزور قد تكون سببا لنيل المال يؤخذ من المشهود له وهو محرم، وكثير من الفواحش والظلم قد يكون سببا لنيل مطلب وهو محرم. وكذلك الشرك كدعوة الكواكب والشياطين بل وعبادة البشر قد يكون سببا لبعض المطالب وهو محرم.
فإن الله تعالى حرم من الأسباب ما كان مفسدته راجحة على مصلحته كالخمر وإن كان يحصل به بعض الأغراض أحيانا. وهذا المقام مما يظهر به ضلال هؤلاء المشركين خلقا وأمرا، فإنهم مطالبون بالأدلة الشرعية.