كذلك إلا حار عليه"1 أي: رجع عليه. وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدا من المسلمين، وليس هو كذلك، وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق من العلماء اختلفوا في العقائد، وحكموا بكفر بعضهم بعضا.

ثم نقل عن الاستاذ أبي إسحاق الإسفراييني أنه قال: لا أكفر إلا من كفرني، قال: وربما خفي هذا القول على بعض الناس، وحمله على غير محمله الصحيح.

والذي ينبغي أن يحمل عليه أنه لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلا بالكفر، وليس كذلك رجع عليه الكفر، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما"2.

وكان هذا المتكلم أي أبو إسحاق يقول: الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين، إما المكفِّر؛ وإما المكفَّر، فإذا كفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا، وأنا قاطع أني لست بكافر، فالكفر راجع إليه. انتهى.

وظاهر كلام أبي إسحاق أنه لا فرق بين المتأول وغيره، والله أعلم.

وما نقله القاضي عن مالك من حمله الحديث على الخوارج موافق لإحدى الروايتين عن أحمد في تكفير الخوارج، اختارها طائفة من الأصحاب وغيرهم، لأنهم كفروا كثيرا من الصحابة، واستحلوا دماءهم وأموالهم متقربين بذلك إلى الله تعالى، فلم يعذروهم بالتأويل الباطل، لكن أكثر الفقهاء على عدم كفرهم لتأويلهم. وقالوا: من استحل قتل المعصومين، وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر. وإن كان استحلاله ذلك بتأويل كالخوارج لم يكفر، والله أعلم وأحكم.

[تكفير الشخص المعين وقتله مشروط بقيام الحجة عليه]

"المسألة الثانية": "إن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها" إلخ.

يشمل كلامه من لم تبلغه الدعوة، وقد صرح بذلك في موضع آخر، ونقل ابن عقيل عن الأصحاب أنه لا يعاقب، وقال: إن عفو الله عن الذي كان يعامل، ويتجاوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015