عنه -، فراجع أبا بكر، وناظره، واحتج عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم نفسه وماله"1.
وكان هذا من عمر تعلقا بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره، ويتأمل شرائطه، فقال له أبو بكر "الزكاة حق المال"، يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها. والحكم المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، ثم قايسه بالصلاة، ورد الزكاة إليها.
وكان في ذلك من قوله دليل على قتال الممتنع من الصلاة، وإن كان إجماعا من الصحابة -رضي الله عنهم-، ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه.
فلما استقر عندهم رأي أبي بكر رضي الله عنه وبان لعمر صوابه، تابعه على قتال القوم، وهو معنى قوله: "فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، عرفت أنه الحق"، يريد انشراح صدره بالحجة التي أدلى، والبرهان الذي أقامه نصا ودلالة. انتهى.
[قول النووي والخطابي في حديث: "أمرت أن أقاتل الناس"]
وقال النووي أيضا: وقال الخطابي -ويبين لك أن حديث أبي هريرة مختصر-: إن عبد الله بن عمر وأنسًا روياه بزيادة لم يذكرها أبو هريرة.
ففي حديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"2.
وفي رواية أنس: "أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم إلا بحقها، ولهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين"3 انتهى.
"قلت": وقد ثبت في الطريق الثالث المذكور في الكتاب من رواية أبي