بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا وآله وصحبه أجمعين.
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن، مفتي الديار النجدية المعروف "بأبا بطين"، عليه الرحمة والغفران:
أما بعد: فقد طلب مني بعض الإخوان أن أكتب له جوابا عما يورده بعض الناس من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب"1 ويستدل به على استحالة وقوع شيء من الشرك في جزيرة العرب. والحديث المروي: "يا عباد الله، احبسوا، احبسوا" وعما يورده بعضهم من قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله"2، وقوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"3 ويستدل بذلك على أن من قال: لا إله إلا الله لا يجوز قتاله، ولا قتله.
(فالجواب): أما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب"4 فيقال:
(أولا): من المعلوم بالضرورة أن الله -سبحانه- بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد وهو توحيد الألوهية، وينهى عن الشرك وهو عبادة غير الله.
وأما الشرك بالربوبية، فمن المعلوم بنصوص الكتاب أن المشركين الذين بعث إليهم رسول الله وقاتلهم، يقرون بتوحيد الربوبية، وأن شركهم هو في توحيد العبادة، وهو توحيد الألوهية الذي هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله. فعبدوا من عبدوه من دون الله ليشفعوا لهم عنده في نصرهم ورزقهم وغير ذلك، كما قال -تعالى- إخبارا عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 5، {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} 6. فبعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن هذا الشرك، ويدعوهم إلى توحيد