وأمر بالإنفاق في سبيل الله، لا سيما إذا كان المكنوز مستحقا لفقراء المسلمين وذوي الحاجة منهم كالذي بأيدي الملوك والسلاطين؛ فلا شك أن استخراجها على هذا الوجه وصرفها في مصارفها الشرعية أحب إلى الله ورسوله من إبقائها واكتنازها. وأي فائدة في إبقائها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل المدينة في أشد الحاجة والضرورة إليها؟ وتعظيم الرسول وتوقيره إنما هو في اتباع أمره، والتزام دينه وهديه، فإن كان عند من أنكر علينا دليل شرعي يقتضي تحريم صرفها في مصالح المسلمين فليذكره لنا. ولم يضع هذا المال أحد من علماء الدين الذين يرجع إليهم، وليس عند هؤلاء إلا اتباع عادة أسلافهم ومشايخهم. يعرف هذا من ناظرهم ومارسهم، ودعواهم عريضة وعجزهم ظاهر.
وقد أطال هذا الصحاف فيما نقله عن شيخه حسين الدوسري وأكثر فيه من النصيحة، ولا بأس بالنصائح لمن أراد الحق وتوخاه، ونهى عما يسخطه الرب ولا يرضاه، ولم يلحد في أسمائه ولم يعبد سواه، فهذا هو الصادق في نصحه وقوله الذي أبداه، بخلاف من توهم الأمر على خلاف ما هو عليه، ولبس الحق بالباطل لديه، واعتقد أن المجاهد لإعلاء كلمة الله يشار بالذم إليه، فعمل مثل هذا: {سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا. وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} 1.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بالهداية إلى صراطه المستقيم، والفوز لديه بجنات النعيم.