معصية الله ورسوله وصارت من أعظم وسائل الشرك وذرائعه، وكسروا آلات التنباك وسائر المسكرات، وألزموا الناس المحافظة على الصلوات في الجماعات، ونهوا عن لبس الحرير، وألزموهم بتعلم أصول الدين، والالتفات إلى ما في الكتاب والسنة من أدلة التوحيد وبراهينه، وقرروا الكتب المصنفة في عقائد السلف أهل السنة والجماعة في باب معرفة الله بصفات كماله، ونعوت جلاله، وقرروا إثبات ذلك من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل، وأنكروا على من قال بقول الجهمية في ذلك وبدعوه وفسقوه، فإن كان هذا إرجافا للحرم فحبذا هو! وما أحسن ما قيل:
وعيرني الواشون أني أحبها ... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وقد أمر الله تعالى من خاض في مثل هذا إن يتكلم بعلم وعدل كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} 1 الآية. وهذا الرجل كلامه جهل محض وجور ظاهر، وأصله الذي يرجع إليه هو الانتصار للنفس والهوى، لا لنصر الحق والهدى.
[الوهابيون والمال الذي أخذوه من الحجرة النبوية]
وأما التجاسر على حجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكأنه يشير به إلى المال الذي استخرجه الأمير سعود من الحجرة الشريفة وصرفه في أهل المدينة ومصالح الحرم، وهو رحمه الله لم يفعل هذا إلا بعد أن أفتاه علماء المدينة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، فاتفقت فتواهم على أنه يتعين ويجب على ولي الأمر إخراج المال الذي في الحجرة وصرفه في حاجة أهل المدينة وجيران الحرم، لأن المعلوم السلطاني قد منع في تلك السنة، واشتدت الحاجة والضرورة إلى استخراج هذا المال وإنفاقه، ولا حاجة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى إبقائه في حجرته وكنزه لديه، وقد حرم كنز الذهب والفضة