بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
أما بعد فإن هذه الرسائل المفيدة، والأجوبة القاطعة السديدة، قد اشتملت على أصول أصيلة، ومباحث جليلة، لا تكاد تجدها في كثير من الكتب المصنفة، والدواوين المشهورة المؤلفة إذا سرح العالم النحرير إنسان نظره في رصانة معانيها، وأسام ثاقب فكره في مطارح مروجها ومبانيها، وورد من نمير معينها الصافي البحور الزاخرة، وارتوى من سلسال لطائف تلك المعارف والعلوم الفاخرة، علم أن هذا الإمام قد حاز قصب السبق في الفروع والأصول, واحتوى منها على ما سمق وبسق به الأئمة الفحول، وأنه قد أمّ إلى هام العلى فعلا ذُراها، وسما من العلوم النبوية إلى علالي معالمها وعلاها، فرحمة الله عليه من إمام بلتع، وفاضل فصيح مصقع، فلقد تبحر في جميع فنون العلوم، وبلغ شأو المتنبي في رصانة المنثور والمنظوم، وهذه رسائله تطلعك على ما هنالك، وثواقب علومه يهتدي بها السائر عن سلوك معاطب المهالك.
فيا من هو العالي على كل خلقه ... وسوَّى السمواتِ العلى وبناها
وكان لها -سبحانه جل- ممسكا ... بغير عماد في الوجود نراها
وزيَّن أدناها بشهب ثواقب ... مصابيح في دَيجورها ودُجاها
وأطَّد بالأطواد أرضًا بسيطة ... وأحكمها -سبحانه- ودَحاها