الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأنهن أمهات المؤمنين ولأنهن زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الآخرة ولطهارتهن من الرجس ولذلك يكفر من قذف واحدة منهن لأن ذلك يستلزم نقص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتدنيس فراشه وأفضلهن خديجة وعائشة وكل واحدة منهما أفضل من الأخرى من وجه، فمزية خديجة أنها أول من آمن بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنها عاضدته على أمره في أول رسالته وأنها أم أكثر أولاده بل كلهم إلا إبراهيم وأن لها منزلة عالية عنده فكان يذكرها دائمًا ولم يتزوج عليها حتى ماتت.
ومزية عائشة: حسن عشرتها مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر أمره وأن الله برأها في كتابه مما رماها به أهل الإفك وأنزل فيها آيات تتلى إلى يوم القيامة وأنها حفظت من هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنته ما لم تحفظه امرأة سواها وأنها نشرت العلم الكثير بين الأمة وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتزوج بكرًا سواها فكانت تربيتها الزوجية على يده وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيها: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» .
موقفهم في ذلك أن ما جرى بينهم فإنه باجتهاد من الطرفين وليس عن سوء قصد والمجتهد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد وليس ما جرى بينهم صادرًا عن إرادة علو ولا فساد في الأرض لأن حال الصحابة رضي الله عنهم تأبى ذلك فإنهم أوفر الناس عقولًا وأقواهم إيمانًا وأشدهم طلبًا للحق كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خير الناس قرني» وعلى هذا فطريق السلامة أن نسكت عن الخوض فيما جرى بينهم ونرد أمرهم إلى الله لأن ذلك أسلم من وقوع عداوة أو حقد على أحدهم.